المعركة ضد الفساد هي معركة وطنية بامتياز وتحويلها لمادة اعلامية لتصفية حسابات سياسية هي نوع من الحماية المغلفة للفساد بصرف المعركة عن كونها معركة وطنية مع الفساد إلى دعاية سياسية وابتزاز رخيص .
الفساد في اليمن غول تعملق مع الزمن و طور ادوات هيمنة خارج مؤسسات الدولة وكون شبكة مصالح واسعة داخلية وخارجية تضم نخبة سياسية عسكرية وقبلية تتقاسم الامتيازات النفطية والتوكيلات الاحتكارية وبيروقراطية إدراريه في كل مواقع الجهاز الحكومي والإداري تقف بحزم ضد أي محاولة لكسر العلاقات الاحتكارية والامتيازات الاقتصادية مقابل عمولات ورشاوي ,وحصن نفسه بالتشريعات القانونية وجهاز إعلامي قوي يعمل على تغطية الفساد في اليمن يأخذ أكثر من شكل تشريعات قانونية امتيازات نفطية احتكار توكيلات تجارية رشاوي وعمولات واتفاقيات تجارية تكبل التنمية المحلية وتكرس التبعية الاقتصادية لرأس المال العالمي ووكلائه المحليين .
هكذا كان الوضع قبل 21 سبتمبر 2014م والتي كان على رأس أولوياتها الوطنية مكافحة الفساد , امسك انصارالله بمؤسسات الدولة في سياق عدوان غاشم اربك من حساباتهم ومع اتساع جبهة العدوان التي تمتد من الخليج الى المحيط صار مواجهة العدوان اولوية الاولويات جعلهم ربما يتهيبوا فتح معركة شاملة واستراتيجية مع الفساد و التحول الى الاجراءات الوقائية مؤقته للحد من أي ممارسات قدر الإمكان خصوصا وأن الحصار الاقتصادي جفف منابع الفساد التقليدية وإن كان فتح أبواب الاقتصاد للحرب من خلال تحكم حكومة هادي بمنح التراخيص للسلع والمواد الأساسية والنفطية .
استطاع الشعب اليمني وفي مقدمتهم أنصار الله وكل القوى الوطنية صد العدوان والصمود بشكل أذهل العالم وأحرج وأذل أطراف العدوان وكما أخفق عسكريا ورغم أن الاقتصاد من البداية جزء من العدوان وأفقد الموازنة العامة أكثر من 80%من مواردها إلا أنه بعد أن أخفق في كسب جولة المفاوضات لصالحه رفع المسألة الاقتصادية كتكتيك حربي إلى قلب المعركة وخنق ما تبقي من منافذ تساعد على الوفاء بالحد الأدنى من الالتزامات وفي ذات الوقت استغلال الضائقة المالية للنيل من الصمود الاجتماعي وأطلق آلته الإعلامية للطعن في سمعة قيادات انصار الله الذين يتصدرون ملحة الدفاع الوطني هم وكل الاحرار والشرفاء والقوى الوطنية والمؤتمر الشعبي العام ومن خلفهم معظم الشعب اليمني كل ذلك بهدف صرف الغضب الشعبي عن مصدر العدوان الاقتصادي وتحويل نحو جبهة الصمود وتحميلها مسؤولية الضائقة القائمة والمؤسف ان تنظم اصواتا تحسب نفسها على الجبهة الوطنية للجوقة وتجند نفسها مع كتائب العدوان الاعلامي بوعي او بدون وعي .
ليس المطلوب تجريم اي نقد تجاه اي ممارسة خاطئة بمبرر العدوان لكن ارتفاع النبرة في هذا التوقيت وبتلك الطريقة التحريضية والتناول الغرائزي الموجه والعنصري ايضا الموجه لا يمكن ان يكون بريئا ويضع الف علامة استفهام حوله .. وحتى يكون الامر وضاحا لا يعنى ذلك الشفاعة لأي فاسد ايا كان ومن أي طرف كان والفاسد ليس منا ولا يشرفنا ان ينتسب لنا ولا ان يدنس الدماء الزكية لشهدائنا الابرار ولا ان يكون جزءا من معركتنا المقدسة ضد العدوان ومن يثبت عليه التورط في ممارسة فساد سيجد نفسة تحت طائلة المحاسبة عاجلا او الاجل القريب وسنكون اول من يطالب بمحاسبته ومسائلته .
وثانيا لا يعنى ان مكافحة الفساد لم تعد اولوية لانصار الله اوانها قابلة للتأجيل الى ما لا نهاية واذا كانت الحرب عدوانا اصغر فان الفساد والعدوان الاكبر ومن اجل انجاح هذه المعركة نحرص على ان نضعها في سياقها الوطني وليس في سياق التكايد السياسي او بهدف تصفية الحساب مع هذا الطرف او ذاك بل معركة وطنية تستدف الفساد بكل اشكاله القانونية والتشريعية والاحتكارية و ادواته ومؤسساته و القائمين عليه.
واعتقد انه مع تشكيل المجلس السياسي وحكومة الانقاذ و توحد الجبهة الوطنية في ادارة مؤسسات الدولة يشكل فرصة للبدء في تطوير استراتيجية وطنية فعالة لمكافحة الفساد على كل المستوى التشريع والادارية والسلوكية ولنبدأ من التشريعات والغاء الاحتكارات وهذا هو المحك الحقيقي لاختبار الجد من الهزل في مكافحة الفساد.