الصرخة مشروع أمة ومشروعية انتماء
بقلم / أحلام شرف الدين
الصرخة في اللغة: صوت حاد؛ يقال: أطلق صرخة والجمع: صرَخات وصرْخات اسم مرة من صرخ؛ وتعني الاستغاثة نتيجة عاطفة؛ ومنها قيل صرخة المولود؛ صرخ يصرخ صراخا، قال تعالى: “فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه” أي: يستغيثه.
ولفت انتباهي معنى الصرخة strik في النرويجية إذ تعني: “مجموعة أعمال لوحات تعبيرية قام بإنجازها الرسام النرويجي إدفارد مونش مصورا شخصية معذب أمام سماء حمراء دموية عام 1893م، المعالم الظاهرة في خلفية اللوحة هي من خليج أوسلفورد في أوسلو جنوب شرق النرويج.”
تأملوا معي هذا التعريف الذي أحل ما حرم علينا فالرسام يختار هيئة معينة لشخصية اللوحة؛ وقبل الإفصاح عنها لا أخفيكم كم دُهشت حين علمت أن الملياردير الأمريكي ليون بلاك اشترى اللوحة التي بيعت في مزاد في نيويورك بمبلغ 120 مليون دولار وبيعت في مايو 2012م بمبلغ 119 مليون دولار.
ووفق وصف الأدباء فاللوحة تعتبر تجسيدا حديثا للقلق ويقول يورون كريستوفرس الناطق باسم متحف مونش: “إن لوحة الصرخة عمل فني لا يقدر بثمن وهي تمثل رجلا يعكس وجهه مشاعر الرعب واقعا على جسر وهو يمسك رأسه بيديه يطلق صرخة، على خلفية من الأشكال المتماوجة وتدرجات اللون الأحمر الصارخة”.
وقد اكتسبت شعبية خاصة كاسحة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ربما يعود سبب شهرة هذه اللوحة إلى شحنة الدراما المكثفة فيها والخوف الوجودي الذي تجسده وهكذا يستمر الراوي يشرح تفاصيل اللوحة ودلالاتها مشيرا إلى انعكاس الحروب وتأثيراتها على الموقف الشعبي.
ويقول الدكتور شاكر عبد الحميد في كتابه عصر الصورة الصادر عن سلسلة عالم المعرفة311 يناير2005م “إن لوحة الصرخة الشهيرة لإدفادر مونش مثلا التي رسمها عام 1893م قد وجهت لتصوير ذلك الألم الخاص بالحياة الحديثة وقد أصبحت أيقونة دالة على العصاب والخوف الإنساني ….” إلى أن يقول: ” فقد تم نسخ الصرخة وإعادة إنتاجها في بطاقات بريد وملصقات إعلانية وبطاقات أعياد الميلاد وسلاسل مفاتيح واستخدمت لذلك كإطار دلالة في فيلم سينمائي سمي الصرخة ظهر عام 1996م …”
الجدير بالذكر أن هذه اللوحة التي وصل ثمنها إلى مئة وعشرين مليون دولار قد سرقت من متحف مدينة أوسلو في النرويج خلال شهر أغسطس 2004م على رغم وجود كاميرات تصوير متعددة ضد السرقة داخل المتحف وخارجه.
أما نحن فلم نشارك في بيع ولا شراء فإذا كانت تلك اللوحة المذكورة بذلك الوصف المبالغ فيه في مجملها تعبر عن الألم النفسي؛ وصفق لها القائم والقاعد واحتلت مكانا في الأدب وبذل لأجلها الغالي والنفيس فإن شعار الصرخة الذي أطلقه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه لجدير بالتعظيم والاحترام كونه يجسد المعاناة الإنسانية ويفضح عدوها اللدود على مدار التاريخ أضف إلى ذلك أنه يستند على حقائق تاريخية وشهود عيان ومن جهة أخرى فإنه مستقى من مصدر لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ إن مرجعه القرآن الكريم.
لا أقول هذا لأني أشك للحظة واحدة في شرعية هذا الشعار فأنا كغيري من دعاة الحرية والمنتمين إلى المسيرة لا نحتاج إلى لوحة تعبر عن عظمة الله فقد عظم في نفوسنا ولسنا بحاجة للبحث وراء الحجب عن عدو الأمة الإسلامية ولا نقرأ طالعا يثبت انتصار الإسلام لكنما نتألم حين نرى هذا الصخب وتلك المبالغة العبثية التي لا تعدو أن تعبر عن ألم قد تكون الحرب العالمية الأولى مصدره أو فقدان حبيب أو خسارة قمار؛ إننا نصرخ استغاثة لمظلوم هنا ومسجون هناك، نصرخ لانتهاك حرمات مقدساتنا، نصرخ للعبث بقوانين شريعتنا، نصرخ لتزوير سير أعلامنا وكلها باسم الدين؛ أفلا يحق لنا رفع صرخة مدوية تهز الأعداء؛ صرخة تتراجع إثرها كتائب وترتعد لدويها فرائص المستكبرين.
وقد قرأنا في التاريخ الإسلامي أنها من الشعارات التي أطلقها النبي الأكرم في حروبه التي خاضها ضد المشركين (يا منصور أمت) وكذلك رفعها الكثير من بعده كمسلم بن عقيل والمختار الثقفي لبث روح الحماس والإقدام كما حدث في غزوة بدر، وتشكل اليوم ثقافة أمة لا تقبل الضيم؛ الأمة التي عادت لهدف خروج إمامها زيد بن علي عليه السلام لإقامة الحق ونصرة المستضعفين.
وقد يستغل بعض المرجفين الشعارات لإحقاق باطل نحو شعار الخوارج (لا حكم إلا لله)، وشعار داعش اليوم (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فهي بالشهادتين تقتل وتذبح وتنتهك الأعراض؛ ومثله السيفان والنخلة في العلم السعودي الذي يحاول التعبير عن الإنصاف والنماء وهو بعيد عن ذلك بعد الشمس في كبد السماء وغيرها كثير.
لذا فإن منطلقات هذا الشعار المبارك تتركز فيما ذكره السيد عبد الملك سلام الله عليه في خطابه الأخير حيث ذكرها في: 1. الوعي بحقيقة الأهداف الأمريكية والإسرائلية. 2. الوعي بطبيعة وأسلوب تحرك الأعداء ومستوى خطورة هذا التحرك.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة لليهود
النصر للإسلام