عبدالله علي صبري
– من مفارقات زمن الانحطاط العربي أن النظام السعودي يشتكي ويحتج على ما يسميه بالدعم الأممي لـ “الانقلابيين” في اليمن، والأدهى أن هذه الشكوى تجد من يطبل لها في وسائل الإعلام التضليلية، التي تتعامل مع الملف اليمني ،وكأن شعبنا قد انحرف عن الفطرة السوية، حين هب مدافعاً عن وجوده وكرامته في مواجهة الحصار والعدوان وجرائم تحالف الشر المتوالية بحق الأرض والإنسان في بلادنا
لا عجب أن يرفع الجلاد عقيرته في وجه عصابة أممية متواطئة، ليس لأنها لم تساعده على التخلص من الضحية وذبحها على الملأ ، وإنما لأن الضحية تجاسرت وبدت عصية على الذبح والخضوع والانكسار. وفرت الأمم المتحدة ومجلس الأمن القرارات المطلوبة لشرعنة الحرب والحصار، وسكتت على تجاوزات تحالف العدوان السعودي الأمريكي ، وتجاهلت المجازر الممنهجة والمروعة ضد المدنيين الأبرياء، وحين تململت وعبرت عن قلقها، واتجهت نحو القيام بدور محدود جداَ في مواجهة التداعيات الإنسانية للحرب ، فقد تحركت بدافع “المصلحة” قبل “الواجب الإنساني”، على أن المساعدات التي تصل إلى اليمن ليست سوى “فتات” مقارنة بالأرقام الفعلية المرصودة في حسابات وموازنات الأمم المتحدة.
فما الذي فعلته الأمم المتحدة للشعب اليمني، وهل أوقفت الحرب ونزيف الدم حتى ينعق مندوب النظام السعودي في وجهها ؟ لا شيء جدير بالذكر.. فهذه العصابة التي سايرت وتواطأت مع آل سعود في الحرب على اليمن ، واستلمت ثمن موقفها ، تبدو في حالة مرثية ، وهي تخطب ود النظام السعودي الإجرامي لمجرد أن لديه أموال يشتري بها المواقف في أروقة الأمم. في عام 1919م ، وإثر الحرب العالمية الأولى تأسست المنظمة الدولية التي عرفت بـ “عصبة الأمم”، وفي عام 1945م ، ونتيجة للتوازنات الدولية الجديدة بعد الحرب العالمية الثانية قامت الأمم المتحدة على أنقاض عصبة الأمم.
ولم يكن الأداء المتوازن للمنظمة خلال النصف الثاني من القرن العشرين إلا نتيجة للتوازن الدولي في ظل الحرب الباردة بين القطبين السوفيتي والأمريكي.
ومع انهيار الاتحاد السوفيتي ، غدت الأمم المتحدة جهازاً دولياً ملحقاً بأمريكا وحلفائها ، وغدت خطاباتها وتقاريرها الإنسانية أشبه بمن يذرف دموع التماسيح لا أكثر. والبلية، أن النظام السعودي الذي لم يجد من يردعه في حربه الظالمة يستكثر على اليمن هذه الدموع الوقحة التي تذرفها عصابة الأمم. حقاً .. إن شر البلية ما يضحك !