كتب / محمد الوريث ..
اي قبل ٧ اشهر من اليوم كتبت إليك يا عابد هذه الرسالة وانت وقتها كنت تتحرق شوقا للقاء عبدالله المؤيد وصلاح العزي وكنت اعرف انك ملاقيهم عن قريب ولو اني تمنيت ان تطول فترة بقاءك بيننا كأستاذ لا غنى عنه ، واليوم فزت يا اشرف النبلاء واعز الراحلين وتحققت فيك نبوءة الخلود يا اصدق الاعزاء واقربهم الى القلب والله انك في فردوس من الراحة بعد طريق مضني وطويل وانت اليوم الى احباءك أقرب ونحن بعد الله وعونه وسلوانه بلا معيل فإلى لقاء قريب يا بياض العين ومهجة القلب وقدوة المستبصرين !
“إلى صديق التعب وانصع أقلام ثورتنا المجيدة في زمان ( انكزوني قبل ان تفقدوني )
إليك أيها القلم الأستاذ وفي حلقك غصة المستلب، وفي وجهك آثار الطريق الصعب
وانت اقرب منا إلى الأرض كما انت أقرب منا إلى السماء..
لقد قلت وسأقول مرة أخرى، ان من نعم الله الكبرى ومصاديق تأييده وعونه لهذه المسيرة المباركة أنه يهيئ لكل مصباح ينطفئ في الأرض ليشرق في السماء، مصباحاً بديل.
فحين فقدت هذه الجبهة مصباحين من أعز وأسطع مصابيحها، كانت السلوى الوحيدة لشديد الاحتراق الناجم عن الفقد في قلوب الكثير من أبنائها أن جعل الله لنا في استمرارية سطوعك عزاء ومدرسة.
لا أحب في الوضع العادي (الترميز) ولكن منذ متى جربنا ان نعيش في وضع عادي، أيها المتعب والمحفوف بالمرارات لا أبشرك في هذه الدنيا إلا مزيداً من التعب والكد لأمثالك، ولكن هذا التعب إحدى الضرائب الضرورية لمن يختاره الله والناس مصباحاً في الطريق المحفوف بالضلال والظلام.
ليس لأمثالك وقت للراحة أو امتياز التنازل عن مسؤولية هذا التعب الحتمي كأي رجل عادي شعر يوماً بالغٌلب والإرهاق في منتصف الطريق فقرر ان يرتاح.
ليس لأمثالك الحق بالنجومية والرفاهية في معترك المضي قدماً خلال أمواج المسيرة المتلاطمة كأي عابر سبيل، لقد شاء لنا الله بقدرة جهادك واجتهادك أن نكون في مركب يسير على 3 عجلات كل ما فقدنا عجلة زاد الحمل على الأخرى وللأسف أصبحت اليوم وحيداً بلا عينيك اللتان سبقتك إلى ضيافة رب المستضعفين.
لطالما كنت رجل من تراب تهوى المشقة والتمرغ في ساحات الجهاد وان بذلك وتضحيتك المستمرة سبب رئيسي يشعر امثالنا من الحفاه الشعث الغبر بحلاوة هذا التعب وليستمدوا منك ما يلزم للمضي قدماً في النضال المحق والشريف في سبيل الله وكرامة هذه الأمة واستقلالها بالقلم والبندقية.
(لأن تكون متعب ككل المتعبين هو شرف يتقلده امثالك في غمرة الدنيا الضئيلة والمحدودة، ولكني أرى في تعبك هذا طريق مختصر إلى سرر مرفوعة وأكواب موضوعة، وستكون يوماً رجل مرتاح البال والقلب في ركاب الخالدين.)
يا عبدالله وصلاحنا وسلاحنا وكل الأفكار المكبوتة في رؤوسنا أرجو أن يطول أكثر بقائنا في مدرستك، كما ارجو ان تزف يوما كما يليق بك، فلا يليق بأمثالك ان يترجل ظهر الجواد المتعب ومازال خلفة صف طويل من التلاميذ.
كم كنت أتمنى ان أقول لك بأن مرارة هذا الشوق ستنطفئ او ان هذا الشعور القاهر بالفقد سيتغير او يتضاءل مع الوقت للأسف لقد كتب الله على قلبك الشوق الدائم إلى أنبل الراحلين وهي عملية طويلة في عمر قصير تشبه ابيضاض عيون يعقوب على أثر رحيل ولده يوسف، ولكن أقول لك وأنا على ثقة كبيرة وعميقة بان مصباحك اليوم أكثر سطوعاً من أي وقت مضى في سماء هذا الوهج القرآني المستمر بعون الله وحكمة قيادته ولهذا مازلنا نحتاج أن نقرأك أكثر ونتمرن خطواتنا الأساسية في سطورك لنكتب يوماً على طريقتك الفريدة ونحن على مشارف مدائن النور والحرية.
كن بخير يا صديق التعب وقلمنا الثوري الناصع في زمان يتقلد فيه المرء التعب كوسام شرف حتمي لا مفر منه!”