اهتمام العالم منقسم هذه الأيام بين متابعة مونديال روسيا 2018م وبين متابعة مونديال امعيد في امساحل امغربي، واعتقد أن الأخير يتفوق على الأول بمشهدية مثيرة ومبهرة وغير مألوفة بل كل ما يحدث في الساحل يمكن تصنيفه بأنه خارج المألوف، والسر في ذلك هو أسطورية الثبات والتصدي التي يجسدها أبطال الجيش واللجان الشعبية .
المغامرة الصبيانية التي شاهدنا أوصالها مقطعة على خارطة مستنقع الساحل الغربي يفترض أنها تعطي درسا بليغا لأمريكا وإسرائيل وأدواتهما السعودية والإمارات وبقية البيادق الرخيصة التي يستخدمها العدوان كما يستخدم الذخيرة لمرة واحدة تنتهي نفاية مرمية في الرمال لا يكلف العدوان نفسه حتى مجرد أن يدفنها .
كان الساحل الغربي في الماضي أسهل بوابة يعبر منها الغزو بجحافله وبدون كلفة، ربما لاختلاف الظروف والأدوات ووسائل الاتصال والمعلومات في الماضي، فهل بنى الغازي الجديد المغفل الذي ينطلق بلا بصيرة ورطته على هذه المعلومة القديمة ؟ أم انه اعتقد أن ساحل تهامة يشبه ساحل الجنوب ؟
ربما ، وربما أنه قرار الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني الذي هدفه وهمه تدمير المنطقة والمجتمعات العربية بكلفة يدفعها العرب وبدماء أبناء العرب وبالأخص دماء أبناء الجنوب التي يتعامل معها كالوقود الرخيص، وفي الواقع الإماراتي والسعودي يعتقدان بالفعل أنهما يمارسان دور الدول الغازية ويصدقان هذه الكذبة ولذلك يدفعان المليارات من الدولارات ويندفعان في معارك خاسرة ، مثلما يعتقد المرتزق اليمني أنه يخوض معركة تحرر وهكذا.
بينما الأمريكي وحلفاؤه يديرون مخططا كبيرا في اليمن الأهداف من ورائه ليست إضعاف اليمن والقضاء على المشروع التحرري اليمني المقلق وحسب ، بل الهدف أكبر من ذلك، صحيح أن الإنسان اليمني ومشروعه وبطولته وتوجهه يقلق الأمريكي والإسرائيلي وكل قوى الشر والطغيان في العالم وهو على رأس قائمة الخطر على النظام الاستعماري العالمي، غير أن السعودي والإماراتي وغيرهما من قوى العمالة العربية ليست أكثر من معاول هدم للأمة العربية برمتها وسوف يدركون متأخرين حقيقة حجمهم الطبيعي في قبضة صاحب القرار الأمريكي والإسرائيلي حين يرميهم كجوارب متسخة .
معركة الساحل قد تبدو في ظاهرها مقلقة لنا كيمنيين نرفض الاحتلال ونضحي لمواجهته وإفشاله، ولكن في الواقع هي ورطة كبرى للمحتل الذي توقع أن يكون دخول الساحل الغربي مثل دخول الساحل الجنوبي، جاهلا بكل تأكيد أن الساحل الغربي ملغمُ بالإنسان اليمني الغيور الأبي الحر الذي يموت ولا يقبل أن يمر الاحتلال ويدوس على أرضه وهو يبتسم.
هذه المعركة تقول هنا اليمن وهنا الإنسان اليمني الذي دفن على تراب أرضه جيوش الإمبراطوريات السابقة، تقول حتى وإن وصل الاحتلال للحديدة أو إلى أي مكان لن يستقر ولن يهدأ ولن يستطيع أن يحتل نفس وغيرة وروح الإنسان اليمني ويرغمه على الاستسلام والخنوع .
الإماراتي ومن خلفه كل تلك الدول الاستعمارية دفع فيما سبق أثمانا باهظة وخسائر كبرى ليتقدم خطوات في الساحل، واليوم وخلال هذا العيد ذاب كل ما حشد وتبدد وتحلل في لظى رمال الساحل، واليوم يتحدث عن حشد جديد يجمعه في اريتريا ليمارس مغامرة صبيانية جديدة غير محسوبة متكلا على غباء المرتزقة الجنوبيين أو السودانيين أو غيرهم .
في هذا المونديال الأسطوري، اليمنيون هم أصحاب الأرض والأرض جزء من روح الإنسان اليمني الأصيل قوتنا قضيتنا وعلاقتنا الوثيقة بالله، والمحتل لن يجد له في أرضنا مشجعا.