الكاتب / زين العابدين عثمان
قبل أيام بعث رئيس المجلس السياسي الأعلى بالعاصمة صنعاء برسالة إلى دولة روسيا الاتحادية تضمنت الترحيب بأي جهود للدب الروسي لإيقاف العدوان الذي تشنه السعودية وحلفاؤها، وتمثيل دور بارز في إحلال السلام باليمن، وفي الوقت نفسه حذر من مغبة استيلاء أمريكا على أحواض بحار شرق المتوسط وموانئها وممراتها الدولية ومن التداعيات الخطرة جدا لما قد ينجم عن هذا السياق.
واليوم يقوم الرئيس المشاط بإرسال رسالة أخرى وهذه المرة إلى التنين الصيني رئيس الصين الشعبية داعيا الصين وبنفس الوتيرة إلى تمثيل دور مؤثر في إيقاف العدوان على اليمن والضغط على دول العدوان التي أمعنت في تدمير اليمن وسرقة مقدراته وأضرمت النار في الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
ويبدو أن رسائل الرئيس المشاط هذه -التي تعتبر استثنائية بطبيعتها وتحمل أبعادا وتحذيرات صارخة لا تحتمل النقاش- إلى كل من روسيا والصين اللتين مازالتا تغضان الطرف عن تمثيل أدوار ترقى إلى مستوى ثقلهما كدول كبرى إزاء التداعيات والارتدادات الناجمة عن العدوان على اليمن على الساحة الإقليمية والدولية والذي بدأ يهدد جذريا الأمن والسلم الدوليين، وخصوصا الأمن الروسي والصيني نتيجة استيلاء أمريكا على بحار الشرق الأوسط وممراته البحرية الاستراتيجية التي كان آخرها مضيق باب المندب باليمن والتي ستكون بمثابة مطارق ضاربة بيد الأمريكي ليفرض معادلات ومبادرات كبرى تخل من اتفاقيات توازن القوى الدولية ويطرق عصب التجارة الروسية والصينية التين تعانيان حاليا من حرب اقتصادية ضخمة من قبل إدارة الرئيس ترامب وهذا واضح للعيان ولا يحتاج لتفصيل أكثر .
تحذير الرئيس المشاط واضح ودعوته لإيقاف عدوان الرباعية أمريكا بريطانيا الإمارات والسعودية على اليمن لا تأتي إلا على صعيد تحاشي وقوع الطامة على الأمن الدولي والذي ستكون روسيا والصين أول من يعاني نتيجة تفرد أمريكا بسيادة القرار على البحار والمضايق المائية بحكم سيطرتها، وما لليمن من بعد مؤثر يضرب العمق الاستراتيجي للمنطقة والشرق الأوسط كونه يحتوي على أهم المضايق المائية وأكثرها أهميه وحيوية “مضيق باب المندب” الذي يشرف على 30% من واردات العالم التجارية ويعتبر صمام الأمان للأمن التجاري الإقليمي والدولي ولما لجغرافيا اليمن من هيمنة على أهم بحرين بالمنطقة البحر الأحمر والعربي، وبالتالي فوقوع اليمن في يد الأمريكان وأكبر حلفاءها في المنطقة السعودية والإمارات وكل هذه الأرقام والأثقال الاستراتيجية لليمن ستصب في صالح ميزان كفة الإدارة الأمريكية وتدعم مساراتها وخياراتها سواءً على مستوى الحرب الاقتصادية التي تقودها حاليا أو حرب ذات أبعاد عسكرية -سياسية ضد كل معارضيها الدوليين ومعارضي الرأسمالية سواءً أكانوا الروس أو الصين أو الاتحاد الأوروبي.
لا نعلم هل سيفهم الدب الروسي رسالة الرئيس المشاط وهل سيتيقظ لتمثيل ما يجب عليه أن يمثله من دورٍ، اليوم، أكثر من أي وقت في إيقاف هذا الخطر الداهم وإيقاف مضرمي النيران في اليمن، السعودية وأمريكا والإمارات وهل سيفهم كذلك التنين الصيني ??
لا نتوقع الكثير في ردات الفعل من الطرفين الروسي والصيني كونهما مازالا لا يعطيان أولوية لما يجري في اليمن، وزيارة الرئيس الصيني إلى الإمارات جعلتنا نقتنع إلى حد ما بأن هناك تثاقل وتبلد سياسي للصين وأيضا روسيا أمام التداعيات في اليمن، ولكننا على يقين بأن تحذيرات الرئيس المشاط واقعية وخلفها تقف تداعيات مدمرة والجميع بات على علم بها وبأبعادها وسبق وأن قام قائد الثورة باليمن السيد عبد الملك الحوثي بإطلاق نفس التحذير وكان موجها نحو روسيا وقد دعا إلى أن يستيقظ الدب الروسي من سباته وأن لا يطول إلى الصيف كتحذير من باب إلقاء المحجة البيضاء.