رغم تعقيدات الأزمة في اليمن إلا أنه وفي جميع القواميس وبكل اللغات، لن يكون المدافع عن حدود بلاده ضد العدوان مرتزقا ولا خائنا ولا منافقا ، ولن يكون المدافع عن جرائم الحرب وطتيا مهما كانت المبررات، وليضع كل فريق من المتصارعين على مستقبل اليمن نفسه في الوصف الذي هو عليه .
أكثر من 100 طفل ما بين قتيل ومصاب في مجزرة مروعة في صعدة المدمرة, جريمة يندى لها جبين الإنسانية وتتوارى أمام همجيتها أفعال هولاكو وهتلر وكل الطغاة التاريخيين.
عشرات الأطفال خلف كل منهم حكاية تدمى القلب, لكل منهم حكاية مع أمه وأبيه وأخوته ممن لم يقتلهم الحقد بعد.
الأطفال الضحايا سبقهم إلى باطن الأرض قبل أسبوع واحد 52 قتيلا و أكثر من مائة مصاب في ثلاث هجمات في ليلة واحدة بمدينة الحديدة البائسة بلهيب حرارة شهر أغسطس وانعدام الخدمات والفزع من عودة الكوليرا وحمى الضنك ثم الحصار والحرب النفسية التي تمارسها عصابات الإعلام العربي والأجنبي لالتهام ميناء المدينة الاستراتيحي لاستكمال مخطط تحويل البحر الأحمر إلى مزرعة سمكية ضخمة ليس فيها ما يقلق إسرائيل .
قتلى الحرب على اليمن والمصابين من أفقر فقراء الدنيا, ولك أن تتصور أن من عاش مصابا لا يجد الطعام فما بالك بالعلاج، لم يشفع لهم فقرهم ومرضهم عند قاتلهم ولا عند أي منظمة إنسانية، ولم يكترث لمأساة ذويهم أي ضمير عربي ولا مسلم لم يكن مطلوبا منه إلا أن يتبرأ من دمائهم ولو بكلمة تعصم قلب أوليائهم. الأسوأ من ذلك أنهم لم يتلقوا ولو كلمة عزاء من أخوتهم في الوطن هؤلاء الذين في اليمن وأولئك الذين غادروه.
بعيدا عن الحرب والقتل والاقتتال، بعيدا عن الحقد على الحوثى, وبعيدا عن شرعية هادي منصور والذين معه، فإن الذين قتلوا لا يستحقون الموت، والذين قتلوهم ليسوا على شئ، القتلة فعلوا مثل ذلك عشرات المرات على مدى السنوات الثلاثة الماضية وسيفعلون، وضحاياهم لا ملجأ لهم إلا الله وسيظلون، والغريب أن يبرر لهم مرتزقة وعملاء استحبوا الخيانة على كلمة عزاء.
يا عيباه, عندما يذكر اليمن فتذكر الدماء والأشلاء والارتزاق والعمالة ! وإذا كانت هذه الدماء رخيصة عند من يريقون الدماء، فمن العار أن تكون أرخص لدى طوائف عديدة داخل المجتمع اليمني نفسه, إنها الخيبة الكبرى والعيب الأسود الذي لن ينمحي ولو بعد ألف عام .
أعداد المبررين لجرائم قصف أطفال صعدة والصيادين والمرضى من النخبة المزيفة من الإعلاميين والسياسيين والنشطاء ممن يعتبرون أنفسهم يمنيين أوعربا ومسلمين سواء في الداخل أو الخارج صادمة، أما أعداد الصامتين عنها ممن يصدعون العالم بصورهم وفيديوهاتهم فيثيرون الشك في يمنيتهم .
ضحايا العدوان أعدادهم تتزايد دون حساب، وذويهم لا صوت لهم، بينما أصوات المنافقين المرتزقة تصم الآذان وتعمى العيون وتلوث المشهد الدامى، دماء الأطفال ترسم لوحات تسحق القلوب وتبكى العيون, ولكن اليمن لا بواكي له.