لقد صار النظام السعودي في مأزق كبير جدا ويبدو أن الراويات التي حاول إظهارها لتفكيك وفبركة تفاصيل مقتل خاشجقي باءت بالفشل فكل الأطراف الدولية وبالمقدمة أمريكا رفضت جميع الراويات الرسمية التي قدمها إلى الآن، حيث تطلب الكشف عن الحقيقة الكاملة عن تفاصيل خاشقجي .
أردوغان الذي صرح في خطابة المتلفز اليوم أراد أن يربط الرأي العالمي بحقيقة أن مقتل خاشقجي مدبر ومنسق في إيحاء منه إلى أن بن سلمان له صلة مباشرة بالقضية ما يعني أن أردوغان يريد الاستمرار في تسعير القضية أكثر بغية إسقاط آخر ستارة على بن سلمان أمام الرأي العالمي والدولي.
جاريد كوشنر مستشار وصهر الرئيس ترامب كان آخر آمال بن سلمان لكي يضغط على ترامب لقذف طوق النجاة له وانتشاله من بحر الانتقادات الدولية، لكن ماحصل لم يكن متوقعا فكوشنر لم يعطِ أي نتائج ملحوظة إلى اليوم بصدد إنجاح هذا السياق وقد أكد في تصريح له بالقول: طالبتُ ولي العهد السعودي بالشفافية في قضية خاشقجي واتخاذ الأمر بجدية أي المزيد من الوضوح والمزيد من الإحراج لبن سلمان نفسه.
وبالتالي فالوضع يشير إلى أن بن سلمان ورغم تدخل أبيه الملك سلمان مؤخرا لحمايته وحرف الاتهامات عنه صار أمام اكبر مصيبة باتت تشكل تهديدا جذريا على مستقبله كولي عهد لعرش المملكة ويبدو أن ساعة انهياره أصبحت في عدها العكسي سيما مع انكشاف تفاصيل مقتل خاشقجي وافتضاح صلته بها .
ترامب الذي لم يظهر إلى اللحظة رغبته في رمي طوق النجاة لبن سلمان مفضلا ركوب موجة الانتقادات الدولية ضد الأخير، وبالتالي فمسعاه حاليا يتضمن استجلاب المزيد من الضغط والمزيد من الابتزاز تجاه الملك سلمان وابنه لتحقيق مآربه التي لاشك أن الاستيلاء على أسهم شركة آرامكو أحداها بالإضافة إلى أهداف أخرى يسعى لتحقيقها ومنها تخفيض أسعار النفط واقتضام جزء كبير من المخزون المالي السعودي.
سيناريو إسقاط بن سلمان من ولاية العهد لازال أمرا محفوفا بالجدل والاستفهام فمن جهة ترامب لم يبدي أي استعداد لبلاده بتغييره أو حتى اتخاذ قرار من شأنه إيقاف بيع الأسلحة والدعم للسعودية، فهو لازال متمسك بمطالبه المغايرة والتي تتمثل في استمرار العلاقات مع السعودية ونظامها الحاكم، وإذا ما ثبتت إدانتهم بقتل خاشقجي فهناك عقوبات أخرى غير إيقاف بيع الأسلحة للسعودية وقد صرح مؤخرا لصحيفة USA TODAY قائلا بكل شدة: سأعارض وقف بيع السلاح إلى السعودية وهناك العديد من العقوبات الأخرى التي قد نفرضها علىالرياض، وهذا يعني باختصار أن ملف إسقاط بن سلمان لا زال مجهولا حتى اللحظة.
لكن نتوقع أن ترامب ورغم تمسكه بمطالبه لكنه بات يعي جيدا أن المغامرة والمحافظة على بن سلمان ستكون خطرا على مستقبله كرئيس سيما وأنه في طور الانتخابات النصفية من جهة وارتفاع كثير من أصوات أعضاء الكونغرس المتضمنة أن بن سلمان صار حملا ثقيلا على أمريكا وعلى سياساتها ومصالحها بالشرق الأوسط ويجب عزله.