إن المولدَ النبويَّ هو ميلادُ محبة النبي الأكرم في نفوس المؤمنين، وهو ميلادُ كُلّ المبادئ السامية والتعاليم الربانية التي جاء بها.. بل هو ميلادُ الهداية للأمة وإحياء للخير والصلاح كيف لا؟، فنبينا الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم جاءت دعوته لتخرج الناس من الظلمات إلى النور حين دعت لكل فضيلة ونبذت الرذائل.
فما أحوجنا هذه الأيامَ لإحياء هذه المناسبة العظيمة فيما يمر به الوطن الغالي اليوم من صعاب وتحديات جسيمة، فإحياء هذه المناسبة في ظل ظروف العدوان والحصار وللعام الرابع يعتبر ضربة للعدو بل إن احيائها أقوى الصواريخ التي ستنهال على رؤوسَهم، فأعداء الأُمَّــة من اليهود والنصارى ومن آل سعود يدركون مدى أهمية ارتباطِ هذه الأُمَّــة بنبيها ومدى سر القوة التي تنبثق من توطيد هذه الصلة والتي من شأنها أن تبنيَ جيلاً واعياً وأمةً قويةً ترفُضُ الذل والخضوع للظلمة والمستكبرين.. فإذا ما أحيينا التعاليم الربانية التي جاء بها “محمد” النبي الأمين سنكون أكثر تماسكاً وتوحداً والتي هي من أولويات البعثة النبوية حين نبذت الأحقاد والضغائن فيما بين الأفراد والجماعات ودعت إلى توحيد الكلمة والصف وجمع أمر الأُمَّــة تحت راية واحدة والعمل على تماسكها لتكون أكثر قوة وبأساً..
فهذا كله من شأنه إزعاج لقوى الشر من الأعداء والمتربصين بأمة محمد فعمدوا إلى تغييب واضح وتشويه ممنهج لمن يحيي هذه المناسبة والذكرى العطرة لتظل هذه الأُمَّــة غارقةً في براثن شراك العدو ومخططاته.
إن اهتمامَنا بالمولد النبوي هو اهتمامٌ بالرسالة الإلهية وتعبيرٌ منا عن الشكر والعرفان بالنعمة الربانية وعظمة فضل الله علينا كأمة مسلمة..” “فالرسولُ الأعظمُ هو مدرسةٌ ومرجعيةٌ أخلاقية تغشاها الرحمة والإيمان والارتباط به هو بوابة الارتباط بأنبياء الله ورسله وكتبه وبدون الارتباط بهذا الرسول يتحول الإنسانُ إلى وحَشٍ مفترس يفقدُ كرامتَه حين تسوءُ تصرفاته وفي مقدمتها الرحمة والإحسان وغيرها من الأخلاق التي ترتقي بالإنسان إلى مستوى الحياة الكريمة.. فإن الأُمَّــة عانت وما زالت تعاني من مخطط إبعادها عن المعنى الحقيقي للرسالة النبوية ولقيمها العظيمة”.
فعلى أُمَّة محمد أن تعترفَ جميعُها بالمولد النبوي وأن تُحييَ ميلاد سيد الكونيين.. فهو لم يبعث لطائفة ولا لحزب ولا لأشخاص كما نجد اليومَ تلك المسميات التي تم غزوُ الأُمَّــة بها لتجعلَها غارقةً في بحر التفرقة والاقتتال والعداء المستمر لبعضهن البعض..
فهذه المناسبةُ تجعلنا أكثر حرصاً على إحيائها لما لها من أهمية كبرى في علاج ما وصلت له الأُمَّــة اليوم من حالة مأساوية بتفشي ذَلك الفكر الوهابي المتطرف الذي يحاولون به جَـرَّ الإسلام إلى منزلق خطير جدا البعيد كُلّ البُعد عن الإسلام المحمدي وعن دين التسامُح والرحمة المُهداة للأمة جمعاء في كُلّ زمان ومكان.