انتهت مشاورات السويد بعد عدة أيام من التشاور والتحاور المكثف بين طرفي الوفد الوطني ووفد حكومة هادي ودول العدوان الذي كانت بإشراف أممي وقد تمخضت هذه المشاورات رغم تعقيدات الأوضاع ووعورة طريق التفاهم لكن كان هناك هامشا من التقارب وبعض من النتائج الذي تلخصت في مسودة من الاتفاقات المبدئية والتي تمحور معظمها حول الملف الإنساني وبالأخص في ملف الأسرى وجزءا منها في الملف العسكري.
طبعا هذه المشاورات التي كان سقف توقعاتها يوحي بأنها ستكون حبلى بانتهاء الحرب والأزمة وبداية انفراجة عاجلة غير آجلة على الشعب اليمني الذي طحنه عدوان وحصار المعسكر الأمريكي السعودي الإماراتي منذ أربعة أعوم وجعل اليمن البلد الأسوأ بالعالم في كارثية أزمته، لكن الواقع حرفيا يوحي بان هذه المشاورات رغم أنها خرجت ببعض المخرجات الأولية لكنها كانت مخرجات متواضعة ولم تكن بمستوى المخرجات التي من شأنها أن تكون حجر أساس لإنهاء الحرب بالكامل وإحلال السلام في اليمن، فالاتفاق على ملف الأسرى مثلا رغم أنه يعد الملف الأكثر سهولة على طاولة المشاورات لكن تعنت معسكر العدوان وعدم جاهزيته للسلام جعلته يحاول تعقيد الوضع ويحاول الهرب والتملص مما أدى إلى تعقيد هذا الملف وخروجه إلى فترة تشاورية كبيرة وقد لاحظنا ذلك أثناء تأجيل وفد هادي المتواصل أثناء إبرام اتفاق تبادل الأسرى مع الوفد الوطني.
بعد ملف الأسرى انطلق وقبيل اختتام المشاورات اتفاق في الملف العسكري الذي تضمن وقفا كاملا لإطلاق النار في كلٍ من تعز والحديدة مع بنود إجرائية وإلزامية على طرفي القتال هناك خصوصا في الحديدة تضمن الانسحاب الكامل لقوات تحالف السعودية والإمارات من الحديدة مقابل انسحاب يناظره من قوات الجيش واللجان الشعبية من مدينة الحديدة وإفراغها من كل المظاهر المسلحة في حين تكون السلطة المحلية للمحافظة هي التي تأخذ بزمام الأمور أما بالنسبة للميناء فيتم تمكين الأمم المتحدة من الإشراف عليه على المستوى الفني واللوجستي والذي اتفق عليه آنفا.
وبطبيعة هذا الاتفاق فهو يعتبر من أفضل الاتفاقات العسكرية مرونة حيث وقد قدم وفد صنعاء تنازلات كبيرة وصلت لمستوى استثنائي في هذا الإطار على آمل أن تتجنب الحديدة التصعيدات العسكرية وويلاتها بالمستقبل وأيضا في إسقاط كافة حجج تحالف العدوان في هذه المحافظة ومبرراته الذرائعية.
وعليه فنجاح هذا الاتفاق هو يعتمد بالدرجة الأساس على مدى التزام تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي به وببنوده والبدء في ظل مرحلة ما بعد هذا الاتفاق بالتنسيق للانسحاب من أطراف مدينة الحديدة مقابل أن تفرغ قيادة الجيش واللجان مدينة الحديدة من كل المظاهر العسكرية والمسلحة وهذا هو الشيء المفروض الذي يجب أن يتحقق في ظل هذه الفترة القادمة .
لكن لا يبدو أن هناك مؤشرات على تحالف العدوان توحي برغبته والتزامه ببنود هذا الاتفاق وهذا هو ما يجعل من الحديدة وتعز ساحتين قابلتين لأن تنشط فيهما التصعيدات العسكرية وتعود للاشتعال وهذه المرة بقوة أكبر وهذا احتمال هو الأكثر دقه لحد الآن، فالتحالف وفي مقدمته أمريكا لا يريد أن يكون هناك مسار لسحب قواتهم من أطراف مدينة الحديدة لأسباب منها أنهم بالكاد أوصلوا قواتهم إلى أطراف المدينة كأقصى ما وصلت له إمكانياتهم العسكرية وكإنجاز ميداني تحقق بعد خسائر طائلة ومعارك مدمرة طالت لأكثر من 6 أشهر، لذا فهذا التحالف سعى في ظل فترة ما قبل المشاورات أن يكون هناك انسحاب آحادي الجانب فقط، وهو من جهة قوات الجيش واللجان الشعبية لذلك هو يريد هذا الانسحاب الآحادي بعد المشاورات والمرحلة المقبلة وربما أنه سيستبعد انسحابه.
لا نستطيع أن نقول سوى أن مرحلة ما بعد مشاورات السويد قد تكون مرحلة مرجحه لأن تستضيف أكبر التصعيدات العسكرية وربما أنها ستكون مرحلة يكسوها الهدوء بجبهات القتال والتفاهم على مخرجات السويد لكن هذا الأخير لازال مستبعدا إذا ما قورن بمواقف تحالف العدوان ونواياه الالتفافية التآمرية السابقة في محافل المفاوضات بالكويت وغيرها.