من الطبيعي، أن تستهدف الإدارة الأمریكیة أقوی مؤسسة في النظام الإسلامي الإيراني تتربع على قمة التضحيات للشعب الإيراني، أی الحرس الثوري وتتذمر منه لتقدم حقنة جديدة لشريكه فی الزیف والاحتیال نتنیاهو لتعصمه من الغرق في المستنقع الانتخابي على خلفیة التورط في قضايا الفساد والتزییف.
من هنا کان لا بد من اللعب على بعض الأوراق والعزف على بعض الأوتار وتقدیم الهبات والمكرمات لمنحه الامان في صناديق الاقتراع خاصة تلك الهدايا القادمة من إدارة الرئيس الأمريكي المتهور ترامب من هدی رابطة المصیر المشترك الذي یجمعهما في إطار المثلث المشؤوم (ترامب – نتنياهو وبن سلمان) ؛ فإن سقوط أي عمود من أعمدة هذا المثلث يعني حتمية سقوط العمودين أو الضلعين الآخرين للمثلث.
واقع الحال، لم تكن إيران المستهدفة الأولى في القرار الأمریكي بإعلان الحرس الثوري تنظيما إرهابیا بتلك المقاییس التي یعتمدها أئمة الإرهاب والكفر أنفسهم؛ إذ أن القاصي والداني یعلمان علم الیقین أن ” تلاوین المصالح الأمريكية من آبار نفطیة وأساطیل وخطوط ملاحة لنهب ثروات شعوب المنطقة ” بمجملها لا تمثل أکثر من ” بیت من زجاج ” أمام القوة الأسطوریة للحرس الثوري الإیراني .. بل إن المستهدف في هذه الحرب النفسية والدعائية الانتخابية والتطبيل والتهويل الترامبي هو الناخب الإسرائيلي.. وعلى قدر ما یكذب ترامب وإدارته وحلفاؤه بكل ما أوتوا به من إعلام عملاق وبترودولارات وأفانین الكذب والدجل على الرأي العام العربي والإسلامي ویضحكون على ذقون الساسة العملاء لهم في منطقتنا، فانهم یكذبون ویضحكون علی الناخب اليهودي والذقن الصهيوني.. بدءا من الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال ونقل السفارة الاميركية اليها، مرورا بالاعتراف بسيادة الكيان الإسرائيلي على الجولان السوري المحتل، وما بينهما تسليم رفات الجندي في جيش الاحتلال زکريا بومل إلى الكيان الإسرائيلي برعاية روسية.. فإن کل هذه الهدایا والهبات كانت محطات الكذب والزیف الترامبی لقلب الحقائق التي یخافها ویخشى عقباها.. قد تظن بعض العقول المتحجرة خاصة من اتباع المدارس التلمودیة والوهابیة أن هذه الهدايا والمكرمات الترامبیة قادرة على أن تصنع من نتنیاهو ” سوبرمان ” لقطعان الشراذم على أرض فلسطين والراعي الأول والاقدر لمصالح المستوطنين خاصة تلك المرتبطة بالأمن وحماية المستوطنين من الاعداء وبالتالي ستمكنه من جديد للعب على الورقة الامنية التي منحته رئاسة حكومة الاحتلال طوال السنوات الماضية، لكن الحقیقة الثابتة تقول: إن العلاجات العقيمة لن تغیر شیئا من عاقبة العصفور ترامب وجناحیه نتنیاهو وبن سلمان” وانما بالعكس ستقرب من زمن اصطیاد” ثلاثة عصافیر بحجر واحدة ” خاصة الهدیة الأخیرة والخرقاء التي قدمها ترامب لنتنیاهو أي تصنيف حرس الثورة الإسلامية في إيران منظمة إرهابية. ورغم ظنهم أن هذه الهدیة هي الأكبر لنتنياهو عشية الانتخابات في كيان الاحتلال لكنها ستبدد احلام هذا المثلث المشؤوم وهيهات “الخروج من عنق الزجاجة”..