تأخرت ايران كثيرا وهي تراهن على عقلانية السعودية بخصوص العدوان على اليمن، لكن لعل التبادل الدبلوماسي العلني بين صنعاء وطهران يحد من غرور القوة التي اتكأت عليها الرياض بدعم أمريكي، ويدفعها الى اقتفاء الامارات التي تحاول الخروج من مأزقها في اليمن من خلال انسحاب تكتيكي بانتظار نتائج التوتر الامريكي الايراني.
بيد ان المشكلة السعودية باتت أعمق بكثير، فاذا انسحبت من اليمن تحت جنح الليل، فمن يضمن لها انسحاب الجيش واللجان الشعبية من حدودها دون تفاوض مباشر ؟
ثم ان هي كابرت فمن يضمن لها توقف العمليات النوعية للقوة الصاروخية اليمنية التي انتقلت الى مربع متقدم بعد الاعلان عن مرحلة توازن الردع التي باشرت مهامها الأولى بضربة نوعية استهدفت حقل الشيبة النفطي على الحدود السعودية الاماراتية بعشر طائرات مسيرة دفعة واحدة.!
ومما يضاعف المأزق السعودي أن الوثبة اليمنية تأتي بعد ان استنفذ النظام السعودي أوراقه في حربه العدوانية على اليمن، فقد فشلت عاصفة الحزم فشلا ذريعا، ووصلت الحرب على الأرض الى طريق مسدود، وكذلك الأمر بالنسبة للحرب الاقتصادية التي تعايش معها الشعب اليمني، ولم يرضخ لمختلف وسائل الابتزاز التي راهن عليها تحالف العدوان ومرتزقته.
أما علاقتها بأدواتها من مرتزقتها المنضوين تحت عنوان الشرعية، فليست في أحسن حالاتها، خاصة بعيد أحداث عدن التي كشفت التواطؤ السعودي مع المخطط الاماراتي الداعم لانفصال جنوب اليمن كخيار مثالي لديمومة النفوذ السعودي الاماراتي، وتمرير المصالح غير المشروعة في بقعة استراتيجية لم يحسن أهلها الاستفادة منها حتى الآن.
وهكذا، فان آخر ما كانت تنتظره الرياض هذه الوثبة اليمانية بعد نحو خمس سنوات من الحرب والحصار، وبعد ان حشدت كل امكاناتها المالية والسياسية والعسكرية والاعلامية، بل واقحمت مكانتها الدينية وشماعة الدفاع عن المقدسات الدينية ايضا.. ثم بعد هذا كله تجد نفسها وحيدة ومكسورة أمام دولة كانت على الدوام تحت ابطها، وليتها اعترفت انها تحارب هذه الدولة وهذا الشعب، اذا لهان الأمر.
أما ان يحدث لها كل هذا وهي تزعم انها تحارب شرذمة انقلابية، فهي الفضيحة بكل ما تعنيه الكلمة، وستكون الفضيحة أكبر مع قادم الأيام حين تتجرع الهزيمة المرة رغما عنها.
لقد أحسنت القوة الصاروخية بتركيزها على رأس الأفعى، وتتبع منشئات العصب الاقتصادي لآل سعود، فلا يمكن لهذا العدوان أن يتوقف ما لم تشرب الرياض من ذات الكأس، ثم ان تهشيم الرأس السعودي سينعكس بذات القدر على حلفائها ومرتزقتها..
ومع ذلك ما تزال فرصة المراجعة والتراجع قائمة ان اشتغل العقل السعودي من جديد . !!