تتواتر الأخبار عن استمرار المباحثات السرية بين الجانب اليمني والجانب السعودي بحضور وسطاء آخرين وكلها تصب باتجاه الهدنة المرتقبة وإيقاف لعلعة الرصاص والحقيقة أننا جميعا نريد السلام ونبحث عن السلام لأنه استناداً إلى تجارب كثيرة منها ما حدث بعد ثورة 26 سبتمبر إذا حدثت حرب طاحنة كادت أن تأكل الأخضر واليابس اضطر اليمنيون بعدها إلى الحوار والتفاهم وعقد صلح عام انتهاء بإعلان السلام وما سمي بالمصالحة الوطنية التي مثلت فيها السعودية رأس الحربة وإن كانت قد وقفت في كل الخطوات من خلف الستار وادعت أن الحوار يمني- يمني كما هو الحال اليوم إلا أنها كانت هي المستفيد الأكبر من كل ما جرى بحيث انتهت الحوارات الى شبه استسلام تام من قبل نظام صنعاء للإرادة السعودية وظلت اليمن تسير في فلك آل سعود لأكثر من أربعة عقود من الزمن .
للأسف هذا ما تحاول السعودية أن تصل إليه اليوم وإن كانت تعمل ذلك من خلف الجدار كما هو حال اليهود الذين وصفهم القرآن الكريم بهذا الطبع مع ذلك فإننا على ثقة كبيرة بأن الجانب اليمني متمسك بحق السيادة والاستقلال التام للوطن الأرض والإنسان كونه يحاور على مبدأ الند للند ولن يستسلم للمغريات مهما بلغ حجمها ومقدارها المادي لأن مجرد الاستسلام لهذه المغريات يعني الخيانة المؤكدة لعشرات الآلاف من الشهداء والجرحى الذين سالت دماؤهم في الوديان والسهول والجبال وهذه النقطة هامة يجب أن يتركز عليها الحوار سواء في العلن أو خلف الأبواب المغلقة .
من حيث المبدأ لا قبول لكل يد تلطخت بدماء الأبرياء من الأطفال والنساء والمجاهدين فكلهم ضحوا بدمائهم من أجل كرامة اليمن وحرية البلاد وعزة اليمنيين جميعا، فكيف يمكن لهذه اليد الملوثة أن تصافح إباء المجاهدين والضحايا البسطاء الذين تهاوت عليهم المنازل والمباني بفعل الصواريخ المدمرة، كيف لهذه الوجوه أن تؤلف وقد فقدت صفات الآدمية وانتقلت الى ما يشبه الحيوانية لأنها ارتضت الفناء للبشر والدمار لكل منجز لهذا الوطن رغم صعوبة مع ذلك تم استهدافها في غمضة عين ممن يتجشأون بالنفط ويلمع الدولار في جباههم وكأنهم لا يعرفون إلا المال وبه يستهدفون الآخرين بلاضمير وإنسانية مفقودة .
هنا ندرك مدى صعوبة التعامل مع هؤلاء الناس أصحاب النفوس القاحلة الذين يدعون بأنهم يمنيون وقد أوغلوا في سفك دماء الآباء والأبناء والأمهات وحتى الحيوانات الأليفة والبرية، لاشك أن القصاص هو الحل وسيكون هو المدخل لكل من فقد عزيزاً عليه ،إما أن نتحدث عن المصالحة كما حدث في الماضي فهذا من سابع المستحيلات ومن يقدم عليه إنما يتآمر على الشعب وعلى نفسه في المقام الأول، فالشعب لن يسكت ولن يتهاون معهم لأن من يقبل بهذه الحالة إنما يتمادى في الغي وسيكون أشد ممن حملوا البنادق وصوبوها الى صدور الأبرياء، وعلى هذا الأساس يجب أن يفهم الطرف الآخر طبيعة الحوار في إطار الفهم الجيد للمباح والمحرم فالمباح هو السلام ولكن سلام الأبطال الشجعان المحتفظين بالحرية والكرامة وسيادة واستقلال الوطن والمحرم هو الاستسلام والخنوع والذل، إذ يكفينا فخراً في هذه الأرض شحيحة الموارد بفعل نهب المتآمرين عليها من الداخل والخارج قليلة الامكانيات نتيجة الحصار المطبق مع ذلك يكفينا فخراً أننا صمدنا ودافعنا ببسالة عن الوطن والأرض والعرض بل وتخطينا الأسلاك الشائكة الى أراضينا المنهوبة التي سلبتها مملكة آل سعود في زمن سابق وصنعنا انتصارات عظيمة بصمود الشباب المؤمن بالله تعالى وعدالة قضيته حتى خضع العدو وجلس الى طاولة الحوار فلا نأتي في الأخير وتذهب كل هذه التضحيات والبطولات التي أذهلت العالم .
كما قلنا ونردد نحن دعاة سلام وأمن واستقرار لكننا نرفض الاستسلام أو المتاجرة بدماء الشهداء، وليعلم القاصي والداني أن اليمن ستظل عصية على الكسر وأن شذ بعض أبنائها وانساقوا الى دهاليز العمالة والخيانة والارتزاق فإن الغالبية من أحفاد عمار بن ياسر وذي يزن وعمرو بن معد يكرب كلهم ستظل أصابعهم على الزناد ينتظرون مقاومة العدو لينالوا النصر أو الشهادة كلما تعرض الوطن للغزاة أو الاعتداء وهذا هو المحور الذي يجب أن يفهمه أمراء السعودية والإمارات فأي سلام لن يتم إلا بعد الانسحاب من كل شبر من الأراضي اليمنية وهذا ما يراهن عليه كل يمني شريف .