*غالب قنديل
تتواصل ملحمة المقاومة والصمود في اليمن العظيم، ويستعد المحاربون الشجعان لفصول جديدة من مسارهم نحو الانتصار على حلف العدوان، لتنضمّ قلعة اليمن إلى معاقل القوة والتحررّ في محور المقاومة والتصدي للهيمنة الاستعمارية الصهيونية على المنطقة العربية.
أولا: إن مسار الأحداث في اليمن يؤشّر إلى تقدّم متسارع لمسيرة التحرير، التي يقودها اليمنيون الأباة في مواجهة قوى العدوان. وهم شرعوا يقلبون المعادلة، ويرسمون ملامح مشهد جديد بتطورات أحدثوها في توازن القوى وضرباتٍ نوعية ألحقوها بمعاقل الحلف المعادي، وبأبسط الأدوات. ومن المفيد التذكير بأنه لم يكن يوما في حساب دوائر التخطيط الأمريكية والغربية، وعنجهيتها المسنَدة بآلة عسكرية عاتية ومقدّرات تقنية هائلة، أن الحفاة والعراة في اليمن سوف يصنعون طائرات مسيّرة، تعجز الآلة الغربية الضخمة والمتطورة عن قهرها، وتقلب المعادلة، ليصبح الغرب الاستعماري مغلوبا على أمره أمام الفقراء الحفاة، الذين يطرقون أبواب المستقبل بقبضات حرّة أبيّة.
اليمن الجديد، الذي نشهد مخاضه اليوم ببطولات محاربيه الشجعان، وبنفوس أبيّة عظيمة، سيكون على صورة هؤلاء الأبطال، الذين يحملون بالوعي والإرادة، وعدا مفعولا دون شك، بولادة يمنٍ جديد حرٍّ عزيز قويٍّ ومشعٍّ في محيطه العربي. واليمن القادم إلينا بسواعد الشهداء يملك من المقدّرات والثروات ما يؤهله، بعد الانتصار، ليكون قوة عظيمة، وليس فحسب قلعة منيعة للتحرّر والمقاومة، بل سندا لكل نسمة تحرّر في الوطن العربي، وعضدا لفلسطين قبل غيرها، ولأبنائها المقاومين الأحرار. فما يختزنه اليمن بحكم طبيعته من ثروات وإمكانات، تجتمع مع إرادة منتجيه الصلبة، كان دائما محور اهتمام كبير، ورصد دائم قامت به دوائر الغرب الاستعماري، التي سعت إلى نهب ثروات اعتلمت وجودها في باطن الأرض، وليس فقط السيطرة على موقع استراتيجي حساس على مفارق المحيطات والبحار وطرق التجارة الدولية.
ثانيا: إن موقع اليمن الاستراتيجي يضعه في مكانة مؤثّرة على المعادلات والتوازنات في المنطقة العربية وفي القرن الأفريقي. وسيكون انتصار أحرار اليمن إعلانا لولادة قوة صاعدة وفاعلة، لها أثر كبير في معادلات المنطقة، تنضمّ إلى محور المقاومة والتحرّر العربي. وهذا الأمر يفسّر إلى حدٍّ بعيد حجم الإمكانات التي جنّدها الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي في سعيه لإخضاع اليمن، ولمنع تحرّره طيلة العقود الماضية. واليوم نستطيع الجزم بأن الزمن لن يطول قبل انضمام هذه القلعة إلى محور المقاومة والتحرّر والنضال ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية في البلاد العربية.
اليمن الجديد هو اليوم في مخاض الولادة، وسيكون بقوته وبإمكانات تطوّره وازدهاره قوة مشعّة لنهوض إرادة التحرّر والاستقلال في الوطن العربي، ولرفع راية فلسطين في كلّ مكان. وهذه الإضافة التاريخية لمحور المقاومة ستمثّل انقلابا استراتيجيا كبيرا، وتحوّلا لمصلحة فلسطين وإرادة التحرّر العربي في كلّ مكان. وستكون مذهلة عظمة القوة اليمنية الاقتصادية، لأن اليمنيين الأحرار بعزمهم ومثابرتهم سيُخرجون كنوز الأرض وثرواتها، ويجعلون منها مصادر قوة واقتدار وناصر رخاء وازدهار، وسيحيون إرث أجدادهم الشجعان، الذين ارتبطت بهم فكرة الجنّة اليمنية الأثيرة في التاريخ.
ثالثا: اليمن الجديد، الذي يتمخّض اليوم في ولادة آتية لا محالة، هو قلعة مقاومة سيمثّل انبثاقها انقلابا تاريخيا ونوعيا في معادلات المنطقة. وستكون هذه القلعة اليمنية إلى جانب محور المقاومة بدوله وحركاته بداية تحوّل تاريخي واستراتيجي في الشرق العربي. وهي المفاجأة المذهلة، التي تقضّ اليوم مضاجع دوائر التخطيط الاستعماري الصهيوني. وسيكون ذهول الغرب عظيما أمام الاقتصاد اليمني الواعد والصاعد، الذي سنشهده بعد الانتصار، بفضل ما لدى اليمن من ثروات هائلة، تبشّر باقتصاد قوي. في حين تجزم التجربة بأن هذا الشعب العظيم يمتلك من الإرادة والقدرة والصبر ما يسمح له بشقّ طريق إلى مستقبل مشرق، وهو البارع في تطويع الصخور وصنع المستحيلات عبر التاريخ.
اليمن الجديد سيكون القوة الاقتصادية المذهلة في نموها السريع بسواعد المنتجين، والمسيّجة بالمحاربين الأشدّاء. وستمثّل التجربة اليمنية في المقاومة والبناء منارة إشعاع عظيمة لجميع شعوب الشرق ولسائر البلدان العربية. فاليمن الآتي من هذه الملحمة، هو قوة هادرة وواعدة، تختزن الثروات والخبرات، التي ستنهل منها شعوب المنطقة دروسا، كما ستهب قوتها لسائر الأشقّاء وشركاء المصير.