من سلك طريق الهُدى والتمس بها نوراً يشعُ بثريّاها المحمّدي، سهَّل الله له معرفة السّمات النّاصعة لشخصيّة السراج المُنير ومخرج الأُمَّــة من الظلمات إلى النّور، وفتح له آذان قلبه خاشعاً لآيات الله الكُبرى داهماً شحنات القلوب السّالبة ومحارباً الأرواح المُتسخة بمخالب الضّلال.
لأنّ تعظيمه من تقوى القلوب، وشعيرة من شعائر الله العظيمة.. ابتغينا العزّة لإسلامنا وإيماننا، وتبوأنا مقاماً علياً، وأنفسنا تلهجُ بالتضرع أن يزيدنا من تقوانا المحمّدي أضعافاً مضاعفة.
لأنّ الأسوة الحسنة سر انتصارنا وسفينة نجاتنا وملاذ كهفنا، ما وهنت عزائمنا ولم يتهاوى صمودنا بفضل الغزوات التي قادها وبفضل من ارتشف كوثرها من مغاويرنا العُظماء، وبها انسكبت عواطف شغفهم بالجهاد وعشقهم للشّهادة.
لأَنَّ رسولَ العالمين مبعوثٌ فينا رحمةً ومِنّةً إلهية، أثنينا على الله حامدين وذكرناه مُسبحين ألفاً ودهراً وأبداً أن هدم أركان الشرك بدجى رسالته العابقة رحيقها إيماننا القويم، وجعل أول بابٍ ندخل بها الإسلام شهادتنا بأن لا إله إلا هو وأن محمداً رسولٌ من عنده.
لأنّ القرآنَ عَلَّمنا أن طاعةَ الرسول هي من طاعة الله، لم ننكُثِ العهدَ والاستجابةَ لما دُعينا به، ونزل ما تأكد للنّاكثين ومن يدّعون أنهم متمسّكون بنهجه -صلوات الله عليه وآله- من الصدح بأصوات النواح على احتفائنا بمولده الشريف ويظهرون امتعاضهم على جمال صنعاء المُكتسيّة حلتها الخضراء، مكرّرين السيمفونيّة السنويّة بالتحنن الكاذب على الفقراء والمحتاجين بدلاً عن ترميم الشوارع بزينة المولد.
نعم.. نحن الفقراء الذين أغناهم الله من فضله، وأكرمنا بنبيه البشير النذير، وتحبب إلينا بنعمة الإيمان والحكمة، نحن المُحتاجين العطشى لرحمة الله ولطفه ورعايته في كُـلّ حين، والمحتاجين للاستقاء بسيرة النبي الكريم وإحياءها في الأروقة؛ لتزهر ربيعها في حقول قلوبنا وأبصارنا.