كثيرة هي الجرائم التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وبحق شعبه الكريم المناضل كثيرة حد ألا حصر لها ولا متوقع لتاليها ولا أكتفاء فيها من سفك دماء الأبرياء رجالاً ونساءًا وأطفالاً وكباراً في السن وهدم منازلهم وتشريدهم وأسرهم غير أن ما يجمعها ويجعلها في إطار واحد هو وحشية من ينتهجها وتعطشه للدماء وخبثه ومكره وشيطانيته المتفردة.
شيرين أبو عاقلة صحفيةٌ فلسطينية من مواليد القدس عام 1971م تعمل مراسلة لقناة الجزيرة شاءت الأقدار أن يكون لها سبقٌ صحفي عظيم في توثيق تلك الوحشية الصهيونية التي عانى منها ولا يزال ملايين من الفلسطينيين خلال سنوات الاحتلال الطويلة، السبق الصحفي للمراسلة شيرين كان ثمنه روحها الجهادية فقد كُتِب من واقع المأساة ووثق برائحة الدماء وأرسل متجردا من الإنسانية إلى عالم يرى ولا يبصر ويسمع ولا يعي ويتجافى عن معاناة الملايين تحت وطأة الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة.
فاجعة وإرهاب وتفننٌ في القتل مع سبق الإجرام والتوحش ولحظاتٌ عصيبة تلك التي مرت بها شيرين قبيل استهدافها المباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والجُرمُ المشهودُ هو كشف العدوان وإبراز وحشيته واعتداءاته بحق أبناء الشعب الفلسطيني فكل من يُعرّي العدوان الصهيوني ويفضح إجرامه واعتداءاته أو يقف في وجهه يصبح بقانون الوحشية الصهيونية هدفاً مشروعا لرصاصات قوات الاحتلال كائناً من كان.
دماء شيرين هزت وجدان العالم المنافق الذي لم يلتفت من قبل لمئات الفلسطينيات اللاتي قتلن بآلة الحرب الصهيونية في فلسطين بمختلف بشاعتها وصورها وما حادثة اغتيال الإعلامية شيرين إلا نموذجٌ واضحٌ لسياسة القتل والإجرام في فلسطين أما واقعية المأساة فتتكرر دائما في كل شبر من الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تشهد مقاومةً للاحتلال وما أكثر حوادث القتل فيها والاستهداف للمواطنين الأبرياء وإن كانت بعيدةً عن عدسات الكاميرا وآلات التصوير.
جريمة قتل الصحفية شيرين لن تكون الأخيرة في مسلسل الإجرام الصهيوني ضد كل مناهض لسياساته أو فاضحٍ لوحشيتها ولكن دماء شيرين ومشاهد توثيق حادثة قتلها قد تعيد بوصلة العداء للعدو الحقيقي الذي تخفى واختفى خلف مشاريع التطبيع والخيانة للقضية الفلسطينية التي هرولت لها الكثير من الأنظمة العميلة وتبعتها الشعوب بصمتها المخزي وسكوتها المريب.
حادثة اغتيال الصحفية شرين ستعيد الذاكرة للوراء لاسترجاع مسلسلات القتل والإجرام الصهيوني بحق الفلسطينيين التي قد نسيها العرب أو تناساها تبعا لسياسات الملوك والأمراء الخاضعين للهيمنة الخارجية والفاقدين لقيم العروبة والدين الحنيف، ولعل دماء شيرين توقضُ نخوة العروبة التي باتت في سباتِ التطبيع وتُسقط قناع الزيف عن السلام مع العدو الصهيوني وتثبت حقده وإجرامه ووحشيته.