يرى البعضُ أن الحربَ وضعت أوزارَها في اليمن، فالهُدَنُ بواباتٌ لإنهاء الحروب، وهي مؤشِّرٌ على أن ”أطراف الحرب” قد تعبت، لا يمكن استبعادُ ذلك في الوضع اليمني، مضافاً إليه طولَ أَمَدِ الحرب، تدخُلُ نصف العام الثامن، لكنها بنتائجها الحالية أولاً، والظروف الإقليمية الدولية المحيطة ثانياً، ليست سوى استراحة محارب. هذا يعني أنها ستعود حتماً.
في ثلاثة خطابات لقائد الثورة (21 سبتمبر 2014) السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي خلال اجتماعات مهمة بالمحافظات، ذمار، إب، تعز، (وسط اليمن) إشاراتٌ واضحةٌ كيف ستعودُ الحرب، إذ أنه يربطُها بالتحرير واستعادة المحافظات الجنوبية، يرتبط الأمر مباشرة أَيْـضاً بمنع التقسيم، جنوب شمال، العودة إلى ما قبل 1990، فصنعاءُ تخشى من التموضعات العسكرية الحالية التي تكرّسُ بشكلٍ مخيفٍ الانقسامَ، خارطةُ الانتشار بين العاصمة صنعاء والقوى المدعومة من التحالف السعوديّ الأمريكي تشبه إلى حَــدٍّ كبير حدودِ الشطرَين قبل الوحدة، مع كثيرٍ من الجدل الداخلي حول مسألة الانفصال المدعوم من الإمارات عبر الانتقالي (هذا الأخير لا يمثل بشكل كامل جنوب اليمن) على الرغم من وجوده وسط قوى أُخرى، تحسب على الشمال كقيادات، ولكن القاعدة العسكرية التابعة لها في كثيرٍ منها من المحافظات الجنوبية (العليمي، طارق صالح).
صحيحٌ أن السعوديّةَ تريدُ خلقَ نوعٍ من التوازن العسكري عبر ما يسمى الآن هيكلة القوى العسكرية، ولكن هذا طريقٌ شائكٌ لا يبدو أنه سينجحُ، وقد يؤدِّي إلى مزيدٍ من الصراع، إن حدث ذلك فسيكون كارثياً بالنسبة للسعوديّة بعد أن أطاحت بهادي وشكّلت ”مجلس قيادة” (يقوده العليمي وهو شخصيةٌ عسكرية وأمنية قديمة انشق عن صالح عام 2014) بتوافق غير وثيق مع الإمارات، نحن أمامَ جبهة مفككة فماذا إن عادت الحربُ وسقطت الهُدنة الثانية الجارية، أَو حتى اكتملت ورفضت صنعاء التمديد؟
الرياضُ لا تزال تراهنُ أن نقلَ المجلس المشكل إلى عدن قد يحدث تقدمًا عسكريًّا محدودًا إذَا فتحت الحرب، سندركُ أنها رتبت لهذا حين شكّلت المجلس من رؤوس الكتل العسكرية، ولكنه في المقابل نقطةُ ضعف إذَا حوّلت صنعاء صواريخَها وطائراتِها وقوتَها العسكرية نحوَ عدنَ وتقدمت عسكريًّا على الأرض، سيتكرّرُ ما حصل 2015 بصورة أقوى، ولا تقارن بما حدث حين تقدَّمت القواتُ اليمنية المتحالِفةُ إلى عدن، قوام الجيش والقوى الأمنية الذي تملكُه صنعاءُ حَـاليًّا هو أقوى وأكثر جهوزيةً عن السابق بعشرات المرات، ومن المتوقَّعِ أن تكونَ تغطيةُ التحالف الذي تقوده السعوديّة جويًّا ضعيفاً؛ لتجنُّبِ استهدافِ صنعاءَ للعُمق السعوديّ وسطَ أزمة النفط العالمية والحاجة الغربية لرفع إنتاج الوقود.
ستسرِّعُ هذه الحالةُ من سقوط أدواتها في الداخل اليمني خلافَ تقديرات السعوديّة والتحالف، وتخسَرُ خلال وقت قصير ورقةَ تواجُدِها في جنوبي اليمن، هذا السيناريو متوقَّعٌ بدرجةٍ عاليةٍ للحرب التي ستعودُ إلى اليمن بعدَ انتهاءِ الهُدنة.