جرائم الكيان الصهيوني الممنهجة بحق الشعب الفلسطيني بقدر ما تكشفه من فنون بشاعات هذا الكيان التي استهلكت كل أوصاف التوحش فإنها كذلك تعري وتفضح بعض من بيدهم القرار إن وجد في ما يطلق عليه (السلطة الفلسطينية) المستمرة في التنسيق الأمني رغم كلما يرتكبه الاحتلال من جرائم بحجة أن : (السياسة فن الممكن) التي تترجم بلغة السلطات (العربية بالذات) بأنها فن الكذب باستبدال كلمة (الممكن ) بـ(الكذب ) وآه من هذه السلطات التي لا يوجد بين سلطات العالم من يمتلك كل هذه الجرأة في السير بالاتجاه المعاكس لإرادة الشعوب التي يفترض أنها تمثيلها.
والسلطة الفلسطينية واحدة من السلطات التي ينطبق عليها هذا الوصف مع أنها إنما أسميت سلطة مجازاً لأن دولة فلسطين التي يفترض أنها تمثلها لا تزال تحت الاحتلال، الذي تستمد الجزء الأكبر من شرعيتها المادية منه وهذه أغرب شرعية عرفها التاريخ وحجة عراب أو عرابي أوسلوا تنبني على مقتضيات (السياسة فن الممكن) ولا ندري ما الممكن الذي حققته السلطة المبجلة للشعب الفلسطيني غير التنسيق الأمني مع الاحتلال!.
ورغم تعدد آراء المحللين حول هُوية القضية الفلسطينية ومنهم بعض المحللين الذين يساوون بين القاتل والمقتول، والضحية والجلاد، الجاني والمجنى عليه، المحتل والمحتلة أرضه، المسلح بأعتى أنواع الأسلحة والذي يمتلك مئات الرؤوس النووية وأخطر جيوش العالم القائمة على العدوان والاحتلال ولديه النفوذ والقبول والرعاية من أقوى دولة في العالم بل ومن كامل حلف الناتو الذي أثبت أنه حلف شرير سواء بردت الحرب أم سخنت، ومع كل ذلك فإن الكيان الصهيوني المسمى (إسرائيل )يسمي جيشه (جيش الدفاع الإسرائيلي) أي يدافع عن نفسه وفي مواجهة شعب أعزل محاصر احتل أرضه منذ 1948 ! هل يوجد أغرب من هذا الوضع ؟؛
ورغم قساوة المشهد لا زلنا نسمع الكثير من الأصوات التي تتساءل حول هُوية القضية الفلسطينية، هل هي وطنية أم قومية دينية إسلامية أم مسيحية أم قضية إنسانية.
والحقيقة أنها قضية وطنية قومية دينية بالمفهوم الشامل للدين وهي كذلك قضية إنسانية أي تهم كل إنسان حر في العالم لأن استهداف شعب بالإبادة ونهب أرضه وتشريده لإحلال جماعات عصابات من بلدان وأعراق مختلفة من كل بلدان العالم محله، هذه المسألة لا يمكن إلا أن تكون قضية إنسانية تخص كل أحرار العالم وتجرح مشاعرهم وتنتهك ميثاق الأمم المتحدة الذي يعد محور القانون الدولي، أي تخص كل إنسان بغض النظر عن دينه أو مذهبه أو عقيدته الفكرية أو انتمائه السياسي أو عرقه أو لونه أو جنسه أو جنسيته، لأن وحدة العالم لا يمكن تحقيقها إلا تحت مظلة القبول بالتعدد والتسليم بعالمية حقوق الانسان، وعدم قابليتها للتفاسير والتأويلات الضيقة لأنها طبقاً لاسمها وطبيعتها حقوق تثبت لكل إنسان دون أي اعتبار آخر، ولهذا فإن النظام الدولي سوف يبقى نظاماً مختلاً معتلاً قائماً على النفاق طالما بقي سلاح ما يسمى (حق الفيتو) بيد الدول القوية ومنها (الولايات المتحدة الأمريكية) التي تلعب دوراً واضحاً على المستوى الاستراتيجي في الإساءة إلى مصالح شعبها لمصلحة الكيان الصهيوني وانتهاك حقوق الإنسان والعدالة والقانون الدوليين أي أن من يقف ضد هذه المبادئ ببساطة هو من يستخدم سلطته القانونية والأخلاقية الدولية في ما يجافي العدالة وحقوق الإنسان إذا علمنا أن عدد القرارات التي تخص القضية الفلسطينية والتي استخدمت الولايات المتحدة في مواجهتها حق الفيتو(النقض) حوالي خمسين مرة ومنها آخر قرار ضد الهدنة الإنسانية لوقف الإبادة الجارية في غزة حتى كتابة هذا !!، وأنا هنا أفترض أن هناك شعوباً تقاوم هذا النهج وتقاوم كل هذا التوحش!.
أما عن الدور السلبي لبعض دول الخليج ودور المحللين الذين يبررون بلا خجل هذا الدور فحدّث ولا حرج ويكفي الإشارة إلى أن مسيرة التطبيع مستمرة رغم كل هذه الجرائم أي أنه شيك على بياض لدعم جرائم الاحتلال بلاحدود!!؛
ومن أبرز الأدلة على الهُوية الإنسانية لقضية فلسطين أن دولاً منها (كولومبيا) طردت السفير الصهيوني والفنزويلي احتجاجاً على ما يجري في غزة وهناك دول من إفريقيا وأمريكا اللاتينية وغيرها تقاوم التطبيع مع هذا الكيان مقاومة فعلية دون خطابات ولا شعارات ولا ادعاء تحركها عالمية مبادئ حقوق الانسان لأنها أولاً وأخيراً دول حرة بالفعل لا بالقول وقادرة على الدفاع عن حريتها مؤمنة بأن مبدأ الحرية والعدالة هو ما يجمع العالم.
ركام البيوت (المقابر)
تنهش أرواحنا
ترتدي شبح الموت
تحاصر قلب فلسطين
وتشكو الحصار!.