-الارتباك والفزع الذي سيطر على قادة الكيان الصهيوني – وهم يستعدون لمواجهة شهر رمضان المبارك في القدس، وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة – له ما يبرره من وجهة نظرهم، فرمضان يحمل لهم ذكريات أليمة، وينذرهم بهزائم وانكسارات متعددة. يدركون تماما أنه موسم جهاد مفضّل للمسلمين، ولطالما كان محطة انتصار للإسلام وأهله.
-هناك في غزة حيث يواصل الكيان اللقيط جرائمه الوحشية، وفي الضفة الغربية حيث القدس والأقصى الشريف ومقدسات الأمة، وفي كل شبر من أرض فلسطين المحتلة، سيكون الشهر الكريم بما يحمله من قيم ومعانٍ جهادية عظيمة، جحيما مستعرا ونارا لا تخبو على جحافل العدو وعلوجه، ولن يمر بسلام على دولة الاحتلال، مهما بطشت ونكّلت بالأبرياء، فأبطال المقاومة الباسلة وهم يتصدون بكل كفاءة واقتدار وللشهر الخامس تواليا للجيش الصهيوني المدجّج بأعتى أنواع السلاح، ومن خلفه جيوش وإمكانيات أمريكا وبريطانيا، وكثير من دول الظلم والاستكبار في العالم، قد أعلنوا – منذ وقت مبكّر – استعدادهم لاستقبال شهر الجهاد والانتصارات، بما يليق به وبحقه من الصبر والرباط والصمود والتضحية والفداء، ولن يكون على العدو المتغطرس إلا ترويض أنفسهم لتلقّي المزيد من الضربات الموجعة و الهزائم المذلة.
-شهر رمضان الذي نعيش أولى ساعاته المباركات – كان ومنذ السنوات الأولى لبزوغ نور الدعوة الإسلامية، ومازال إلى يومنا – محطة مهمة للإنسان المسلم، ومنطَلقا لإحداث التغييرات الإيجابية على حياة الفرد والمجتمع والأمة.
-في شهر الخير والقرآن، سجل المسلمون انتصارات عظيمة، ما تزال آثارها وتداعياتها الإيجابية ماثلة إلى زماننا وستبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، من أبرز تلك الانتصارات والتحولات الكبرى، ما حققه الجيش الإسلامي بقيادة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من نصر حاسم ومؤزر على جحافل جيش قريش في معركة بدر الكبرى في يوم السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة، ومثّل ذلك فتحا عظيما، ووضعت نتائجها حدا فاصلا بين الكفر والإسلام، ومهدت الطريق أمام الانتصارات التي تلاحقت في يوم مبارك أسماه الله في كتابه العظيم يوم الفرقان، إذ فرق الله به بين الحق والباطل والخير والشر والنور والظلمات، وكان منبع ضياء وصل إلى مشارق الأرض ومغاربها.
-في العشرين من شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة كان المسلمون على موعد مع نصر عظيم آخر، حين فتح المسلمون بصرخات الله أكبر مكة المكرمة التي تحولت إلى حاضرة إسلامية بعد أن كانت معقلا للكفر والوثنية والإلحاد، وفي رمضان كان فتح الأندلس وفيه أيضا انتصر المسلمون على المغول في موقعة عين جالوت، وغير ذلك الكثير من المعارك الرمضانية المباركة التي رفرفت فيها راية الإسلام عاليا.
-في التاريخ الحديث تبقى معركة العاشر من رمضان من العام 1973م، كابوسا فظيعا يقض مضاجع الصهاينة ففي ذلك اليوم الأغر، عبر الجيش العربي المصري قناة السويس ودك حصون العدو الصهيوني في سيناء ولقن الصهاينة درسا لن ينسوه مدى التاريخ.
– اليوم يدرك قادة دولة الاحتلال – وهم يشنون عدوانهم الوحشي على قطاع غزة – أنهم أمام منعطف خطير ونذر هزيمة نكراء جديدة على أيدي مجاهدي المقاومة الإسلامية، فقد لاحت بشائر النصر العظيم مع إطلالة الشهر الكريم الذي يبقى عنوانا للنصر ومحطة لتقوية عزائم المسلمين على الجهاد المقدس.