إقترب من سفير اليمن الدائم في الأمم المتحدة الأسبق ( عبدالله الأشطل ) و قال له همساً : ” ستدفعون ثمن هذا غالياً ” بهذه العبارة غادر وزير الخارجية الأمريكية ( جيمس بيكر ) قاعة إجتماعات مجلس الأمن غاضباً بعد أن صوتت اليمن وحيدةً ضد مشروع قرارٍ لضرب العراق قبيل العدوان الثلاثيني على العراق في بداية 1991.
شآءت الأقدار يومها أن تكون اليمن عضواً دورياً في مجلس الأمن و لأن أمريكا و حلفاءها قد أرادوا التصويت على ذلك القرار بالأجماع لأضفاء عليه المشروعية الأممية الكاملة، فقد عرضوا على اليمن مبلغاً يتراوح ما بين ( 250 مليون دولار إلى 5 مليار دولار ) نظير التصويت لصالح القرار، جاء ذلك العرض في زيارة مكوكية قام بها وزير الخارجية الأمريكية ( جيمس بيكر ) إلى صنعاء إلا أن الرئيس صالح أبلغهُ و قال : ” كما أننا نرفض إحتلال العراق للكويت و نطالب بسرعة إنسحابه، فإننا في نفس الوقت و بنفس المستوى نرفض التواجد العسكري الأجنبي في المنطقة و توجيه ضربة عسكرية للعراق ” غادر ( جيمس بيكر ) صنعاء بعد أن ترك رسالةً توحي ضمنياً بإعطاء اليمن المجال للتفكير حتى آخر لحظةٍ قبل التصويت على ذلك القرار، و لما صوتت اليمن و فاجأت الجميع برفضها مشروع ذلك القرار، إستشاط وزير الخارجية الأمريكية غضباً و قال عبارته الشهيرة تلك… فما علاقة ذلك كله بما يجري اليوم في اليمن ؟
في حقيقة الأمر لو ربطنا ذلك الأمر بما هو حاصل اليوم في اليمن و صولاً إلى الإنزال الأمريكي العسكري في قاعدة العند مؤخراً و إستعرضنا النفسية السياسية الأمريكية القائمه على أساس اللاإنفعالية و طول البال و التخطيط المتأني المدروس قبل إتخاذ أي قرار و إعتمادهم على الطبخ دائماً على نارٍ هادئة لأي طبخة سياسية يريدون القيام بها، لوجدنا و عرفنا ماذا كان يعني ( جيمس بيكر ) ذات يوم بعبارته ” ستدفعون ثمن هذا غالياً ” في الواقع كان النظام اليمني يعتقد أنه بمجئ الديمقراطيين إلى الحكم في أمريكا و وصول ( بيل كلينتون ) إلى البيت الأبيض و من بعده ( بوش ) الصغير ( جمهوري ) و صولاً إلى إدارة ( أوباما ) الحالية ( ديمقراطي ) ، بإن الأمريكيين قد مرروها لليمن و نسيوا ذلك الموقف، و لم يكونوا يعلمون في حقيقة الأمر مالذي يدور في مطابخ الإستخبارات الأمريكية و التي لا تتغير سياساتها و إستراتيجياتها بتغير المناخ السياسي الأمريكي العام أو بتغير الديمقراطيين أو الجمهوريين، و لهذا لا غرو إن أعلن سفير السعودية السابق في واشنطن و وزير خارجيتها الحالي ( عادل الجبير ) العدوان على اليمن من واشنطن – و كما هو معروف أن السعودية هي ثاني إثنتين تحظيان بدلال و ( دلع ) الأمريكان كونهما أداةً من أدواتها في المنطقة التي تتمكن من خلالهما تنفيذ إستراتيجيتها و خططها في عالمنا العربي – فكأن الأمريكان بذلك قد أرادوا من خلال أدواتهم في المنطقة و بدعمٍ عسكريٍ و لوجستيٍ لهم معاقبة اليمن على ذلك القرار بنفس الطريقة التي عاقبوا بها العراق و كذلك سوريا و إن إختلفت الوسائل و المبررات قليلاً إلا أن المحصلة في نهاية المطاف واحدة و هي إحلال الفوضى محل الدولة ليأتوا بعدها محاولين إظهار أنفسهم و كأنهم هم وحدهم المخلّص و المنقذ الوحيد للشعوب، و بالتالي يكسبون تعاطف و ود الشعوب و في نفس الوقت يصنعون أنظمةً لا يمكن أن تتجرأ يوماً و في كل الظروف أن تقول لهم : لا… فهل ينجح الامريكيون و قد وصلت طلائع قواتهم إلى اليمن من إستكمال السيناريو المُعَدّ له منذ أمدٍ بعيد، أم أن الشعب اليمني بصموده و تلاحمه و إرتباطه الدائم و الواثق بالله سبحانه و تعالى سيجعل من الأمريكان و حلفاءهم و أدواتهم إضحوكة الشعوب و إمثولة العصر ؟!!