يدرك المتابعون لمسار المفاوضات الجارية في الكويت بين اليمنيين،بوساطة أممية ودولية،حجم العقبات التي تعترضها،وحالت دون التوصل لإتفاق،مرضي ينهي الأزمة في هذا البلد العربي ويرفع الظلم والحصار على 25مليون يمني.
وبعيدا عن مفاهيم الخيانة والعمالة،والمزايدة بالوطنية ،يعتبر الجلوس على طاولة التفاوض ،بشكل مباشر وجدي في حد ذاته انجازا مهما،بعد عام من لغة الخطاب المتمثلة في القصف الجوي والمقذوفات النارية والصواريخ البالستية،والتي زادت المشهد اليمني تعقيدا وإرباكا ،وساهمت في تغول التنظيمات الإرهابية وتكاثرها كالطفيليات،في بلد الحكمة والإيمان،كما كان منتظرا قبل العدوان ،حيث اجمع المتابعون أن القصف والحرب على اليمن لا تعيد الشرعية، كما يزعمون،ولا تنهي ما يصفونه بالتمرد بقدر ما تنعش داعش ونثبت القاعدة وتساهم في نموا العصابات الإجرامية التي تتكاثر في الأوضاع المتدهورة.
وبعد عام من الحرب أدرك المعتدون،أن القصف والحصار والحرب لا تحقق أهدافا،ولا تفضي إلى نتيجة بقدر ما تستنزف المعتدين،وتنهك قدراتهم العسكرية والمادية،كما أن الشرعية وما رافقها من ترسانة مهجرين اختياريا للرياض،أضحوا يشكلون عبئا إضافيا على الحكومة السعودية،وبات التخلص منهم بأي طريقة إحدى أهم العقبات التي تعيق تحقيق التقدم في المفاوضات بالكويت،حيث يختلف الطرفان الرئيسيان حول مدخل التفاوض بين العودة الكاملة للمهجرين لمناصبهم،كما كانوا قبل العدوان وبين التشارك في تسيير اليمن والاعتراف بالواقع الجديد،مع قليل من التعديل تقديرا لصمود الجيش اليمني،ووفق للقاعدة العامة بان ما لم يتحقق بالعمليات العسكرية لايمكن تحقيقه بالتفاوض السياسي.
ومن ابرز العقبات أيضا،بالإضافة إلى الشرعية ،هيبة المملكة السعودية،التي قادت العدوان،و فشلت فيه،ولا تريد الإقرار والاعتراف بذلك،بعد أن أخذت حكامها العزة بالإثم،كما أن الأدوات الخارجية،التي كانت تشكل غرف عمليات عسكرية ضد اليمن،في الولايات المتحدة وإسرائيل ترى ان اليمن الجديد،وأنصار الله تحديدا،مازالوا يشكلون خطرا على امن الكيان الصهيوني،والقصف السعودي والمرتزقة،الذين معه سواء من اليمنيين او من الخارج،لم ينجحوا في التقليل من قدراتهم العسكرية،وصواريخهم ما تزال تصل إلى العمق السعودي،ولديهم الكثير من الأوراق العسكرية التي لم يلعبوا بها في المعركة،لحكمة يمنية تجلت في تصريحات قائد المسيرة القرآنية في احد خطاباته بقوله للمعتدين أن نفسنا طويل وإرادتنا قوية،ما تنتظرونه من استسلام في اليمن غير وارد،والرجل يعي ما يقول كونه القائد الأول للمعركة الذي اثبت قدرته على القيادة والتصدي وتحقيق النجاح والانتصار،على اعتى القوى العالمية بإمكانيات بسيطة لكن بقدرات وعزيمة،وهمة عالية تجلت في بسالة اليمني في القتال،في كل الأوضاع،وبأبسط الوسائل،فاليمني عرف على مدار التاريخ أنه حكيم،ومسالم لكن لا يرضى الدنية و لا يقبل الحقرة،ولن يستسلم لعدوه حتى لو كلفه الأمر حياته،فرأيناه يحارب حافي القدمين ومبتور الساق،ويمتطي دراجة،في وقت كان العدو في أحسن المركبات المدرعة والمصفحة،والحديثة والتي عجزت عن السير في رمال اليمن وغرقت في تعز،بفضل بسالة الرجال وشجاعة المقاتلين،المشبعين بالإيمان والقيم الوطنية والأخلاق الفاضلة.
ولعل من يقود معركة التفاوض،ابدي شجاعة لا تقل عن المقاتل في ساحة المعركة،وأبان على قدرة يمنية من نوع آخر في الحوار والطرح المقنع،الذي يستجيب لطموحات أغلبية اليمنيين ،ويراعي حتى كرامة الخصم أو العدو إلا أن من يحتمي بغيره،ورضي لوطنه الخراب والدمار يماطل ويرفض،وينسحب تارة ثم يعود برنة هاتف من الرياض أخرى،في مشهد اثبتوا أنهم لا يملكون أي موقف أو قرار و الانسحاب اشرف لهم لو كانوا يدركون.
العقبة الأخرى التي تعيق التقدم في التفاوض،بين اليمنيين الأحرار وممثلي العدوان من اليمنيين أيضا،أو يحملون الجنسية اليمنية،تتمثل في رغبة المجتمع الدولي في عدم تفرد أنصار الله بالحكم،كهدف واقعي بات الأقرب للتحقيق بعد فشلهم العسكري،وهو ما سيتضارب مع طموحات هادي وزمرته،الذين يسعون للعودة على رقاب اليمنيين والمطالبة بسحب الأسلحة،ليشنوا بعد الاعتقالات في حق من قاد الصمود،واثبت أن الإرادة و الإيمان كفيلان بصد أي عدوان ، فيما تظل العقبة الأخيرة الوحدة اليمنية،التي تعمل بعض الأطراف وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل للتلاعب بها سواء بتقسيم اليمن لدولتين،او دولة فدرالية وهي عقبة يرفضها اليمنيون في مسار تفاوض،يبدوا انه لم يدخل مرحلته الجدية بعد،رغم التفاؤل الذي يتحدث عنه أحيانا الموفد الأممي لعدم التوازن في طرفي التفاوض،ففرق بين وفد يمثل صنعاء بما فيها من جيش ولجان، يتحكمون في الأرض والميدان ووفد قد لا يتحكم حتى في مفاتيح غرف الفنادق وهذا مكمن السر في الفشل حتى الآن.