لا زالت مشاهد فرار الجيش السعودي من كافة المواقع العسكرية ما بعد الحدودية التي يهاجمها اليمنيون تضع أكثر من علامة استفهام أمام الشعب السعودي أولا، وأمام شعوب دول الخليج ثانيا، وأمام المراقبين العسكريين والسياسيين في العالم.. فعلى الرغم من كونها مواقع عسكرية ذات تحصين جيد جدا، ومتمركزة في مواقع استراتيجية، ومدججة بالعديد المتنوع من السلاح الثقيل والمتوسط والصغير، وتتواجد بها الدبابات والمصفحات المدرعة، ومملوءة بالأغذية والذخائر ووسائل مساعدة أخرى كالكهرباء والمياه ووسائل الاتصال المتطورة والنواظير الليلية وخلافها، بما يمكن الجنود السعوديين من القضاء على أي هجوم يمني، أو على الأقل صده وتأخيره حتى يأتي المدد الاضافي وخاصة عبر سلاح الجو كطائرات الأباتشي أو F16، على الرغم من كل ذلك فقد شاهد الجميع – عبر كاميرات الاعلام الحربي اليمني والقنوات التلفزيونية – حالات فرار جماعي للجيش السعودي من كافة المواقع التي يهاجمها اليمنيون في مناطق نجران وعسير وجيزان، حيث يفرون اما باستخدام بعض العربات أو الآليات العسكرية أو ركضا كالغزلان هربا من يمنيين كالأسود .
أثارت وماتزال هذه المشاهد تساؤلات الرأي العام السعودي والخليجي والقوى الدولية و الجميع يبحث عن الاجابات، لكن يبدو أن النظام السعودي أول من حازها.. فقد اقتنع النظام السعودي بأن أفراد الجيش السعودي لا يرغبون بالقتال في هذه الحرب، وأنهم يشعرون بعدم صحتها، وأنهم لا يحملون قضية فيها، وأن النظام يقدمهم كباش فداء لا قيمة لها بدافع الحقد على الشعب اليمني، وأنه يخوضها اشباعا لرغباته المريضة وارواء لعطشه الدموي.. لقد اقتنع النظام السعودي أن جميع محاولاته السابقة لكسب ولاء أفراد الجيش السعودي لم تكن كافية لاقناعهم بخوض الحرب، فمنذ بدء الرد العسكري اليمني على مواقع الجيش السعودي – كان قد أعلن عن منح أوسمة للقتلى، ومرتبات أعلى لذويهم، وتقديم أكثر من مليون ريال سعودي لأسرة كل قتيل منهم، وكفالة الجرحى علاجا ومصروفا دائما كتعويض، وغيرها الكثير من تلك المغريات التي لم تفلح كما هو واضح في كسب ولاء أفراد الجيش السعودي، إلى أن انهارت جميع الخطوط الدفاعية السعودية سريعا أمام اليمنيين.. فتحرك في الآونة الأخيرة – بشكل مكثف – للتملق لأفراد الجيش السعودي، مقدما المزيد من المرغبات والمغريات والمزايا لهم ولذويهم من أجل أن يخوضوا هذه الحرب.. فقبل أيام منح الملك سلمان آل سعود كافة أفراد الجيش السعودي مكافأة بواقع راتب شهر.. وأعلنت لجان القبول بالجامعات – مؤخرا – قبول أقارب قتلى الجيش السعودي في الكليات التي يرغبون بها “دون قيد أو شرط” كما جاء في الإعلان.. يتوقع النظام السعودي وهو يقدم هذه المغريات عدم نجاحها أيضا، خاصة وقد احكم الجيش اليمني واللجان الشعبية قبضاتهم على الجبال المطلة على مدينة نجران من ثلاث جهات ويدرك أنه سيكون عليه تقديم المزيد، وبذل ما هو أكبر بكثير من كل ما قدمه حتى الآن.. لهذا فقد وجه ولي العهد – مؤخرا – بترقية كافة منتسبي قوات “الأمن” رتبة أعلى، والجميع يعرف ماذا يعني التوجه نحو التملق لأفراد الأمن، الذي تنحصر مهامهم في أعمال حفظ الأمن في المدن والقرى والطرقات فيما بينها، ولا يزاولون مهاما حربية عسكرية كزملائهم في الجيش.. ان النظام السعودي – وهو يقوم بذلك – ليؤكد أنه بات يتخوف جديا من اندلاع انتفاضة شعبية تطالب بإسقاطه في أي منطقة سعودية، قد تكون مشاهد فرار الجيش السعودي وتمركز الجيش اليمني على مقربة من عدة مدن هناك قد أسهمت في تحفيزها لتطلق شرارتها الأولى، فبدأ تملق أفراد قوات اﻷمن ليقوموا بوأد أي انتفاضة قد تتم في تلك المدن وتؤذن بسقوطه فعلا.. السؤال هنا: هل ستفلح “الترقية برتبة أعلى” في تحقيق الهدف منها لدى قوات الأمن، أم أنها ستفشل كما فشل جميع ما سبقها لدى أفراد الجيش السعودي؟ شكرا.. فقد وصلتني اجاباتكم.. ولنترقب كيف سيتغير وجه المنطقة بإذن الله تعالى عما قريب..