بقلم/ عبدالله صبري.
مسارعة الإدارة الأمريكية باتجاه البحث عن مخرج للسعودية من ورطتها في اليمن، لا تعني بالضرورة أن الحل السياسي وفقا لمقترحات وزير خارجية البيت الأبيض غدا سالكا، ذلك أن تفاصيل المقترح لم تعلن بعد، والشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال.
وبالطبع ثمة محاذير كثيرة تكتنف التعاطي مع المقترح المسنود خليجياً وأممياً، إلا أن التحرك الأمريكي في مجمله يشي بقناعة تشكلت لدى المجتمع الدولي بخصوص رؤية الوفد الوطني المطروحة على طاولة مفاوضات الكويت، ما يشكل إنجازا للوفد بدرجة أولى بعد أن ظن البعض أن مرونة الرؤية الوطنية وما صحبها من تنازلات لم تكن مجدية.
وبالإضافة إلى قوة منطق الرؤية الوطنية، التي اضطرت الإدارة الأمريكية إلى التعامل الإيجابي معها، فإن الخطوة السياسية الحكيمة التي أفضت إلى إعلان المجلس السياسي الأعلى، قد منحت الموقف التفاوضي زخما أكبر، يستطيع الوفد الوطني البناء عليه، قبل الجلوس على الطاولة مجدداً.
لكن قبل هذا كله، فإن الفضل يعود إلى اشتعال جبهة الحدود، وما سطره الجيش واللجان الشعبية من انتصارات متوالية في جيزان ونجران وغيرها، بالتزامن مع انكسارات زحوفات العدو في الجبهات الداخلية، وبالأخص في فرضة نهم وما جاورها.
لن أستطرد كثيرا في سرد الأسباب والعوامل التي أفضت إلى التقدم اليمني في المضمار السياسي، ذلك أن ثمة مخاوف وجيهة يجدر الإشارة إليها قبل استئناف المفاوضات.
من هذه المخاوف أن التهدئة مصحوبة بخداع البحث مجددا عن اختراق عسكري يحاول العدوان ومرتزقته إنجازه في الجبهات الداخلية، متحيناً فرصة إجازة عيد الأضحى المبارك، على غرار محاولته البائسة في إجازة عيد الفطر المنصرم.
إضافة إلى ذلك فإن النظام السعودي، وهو يدرك استحالة الحسم العسكري في اليمن على المدى القريب، فإنه غير مستعد بعد أن يمنح القوى الوطنية فرصة السلام والحل السياسي الشامل والقابل للدوام، بقدر ما يعمل على تحريك المفاوضات، ومنحها جرعة إضافية من المصداقية، حتى تحين فرصة التصعيد المباغت.
ولا ننسى أن اليمن مقبلة على مناسبتين قد تنشغل بها الجبهة الداخلية ، وهما ثورتي 21 سبتمبر و26 سبتمبر. ولا شك أن المرتزقة يعملون مع أسيادهم على محاولة إفساد أجواء ومناخات التلاحم الوطني، واستغلال هاتين المناسبتين، من خلال الدعاية السوداء، و التصعيد العسكري مجددا.
وبالنسبة لأمريكا، فإن البيت الأبيض لن يقبل بأي حل سياسي يصب في مصلحة اليمنيين والقوى الوطنية المناهضة للعدوان والوصاية الخارجية، لكنها وقد أدركت عجز أدواتها في الحسم بالقوة، ما زالت تراهن على أن حالة اللاحرب واللاسلم هي الضامن لديمومة سياستها المهيمنة على اليمن والمنطقة.
من هذا المنطلق سارعت واشنطن في الإعلان عن خطة كيري، التي ما تزال حتى الآن أشبه بالخلطة السحرية..ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب!