– غادر ولد الشيخ اليمن ولم يلتق بالوفد الوطني، في سابقة لم تصادفه طيلة الفترة الماضية، حيث كان يجد نفسه محاطاً بهالة إعلامية وباهتمام سياسي كبير، نظراً لطبيعة المهمة الملقاة على عاتقه، ونظراً لحرص الأطراف الوطنية في الداخل على التقدم في مسار الحل السياسي وتخفيف وطأة العدوان والحصار على الشعب اليمني.
من قبل تعالت الأصوات للمطالبة بتغيير ولد الشيخ بعد انكشاف زيف حيادتيه ، وعدم جرؤته في مقاربة الأزمة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب اليمني وسط لا مبالاة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشكل عام .
حاول ولد الشيخ هذه المرة أن يدغدغ المشاعر اليمنية من خلال طرح الملفات الإنسانية وفي المقدمة رواتب موظفي الدولة، ورفع الحظر الجوي عن مطار صنعاء، وعن ميناء الحديدة ، لكنه أراد -حتى قبل أن يصل صنعاء- أن تكون هذه المطالب أداة ضغط باتجاه الموافقة على تسليم ميناء الحديدة لطرف محايد، مع علمه أن الأمم المتحدة هي بالنسبة لليمنيين طرف معتدي ولا يمكن الوثوق فيه.
لا شك أن ولد الشيخ جاء صنعاء في إطار جولة استطلاعية، عله يقيس مدى أثر الخطوات الخبيثة التي أقدم عليها تحالف العدوان منذ أشهر بشأن نقل البنك المركزي إلى عدن، وما نجم عنه من توقف صرف الرواتب، ولعله أراد أن يستطلع أيضاً أثر الحملة الإعلامية بشأن التهديد باحتلال ميناء الحديدة ، كونه آخر شرايين الحياة بالنسبة للملايين من اليمنيين ، ولا يستبعد أن ولد الشيخ كان بوده أن يفهم ويعرف ردة فعل الجانب اليمني إزاء نتائج زيارة ترامب للرياض ، وانعقاد أكثر من قمة سياسية ، حظر فيها الملف اليمني وإن بعناوين مخادعة.
ظن ولد الشيخ أن الأطراف الوطنية بصنعاء تعيش مأزقاً كبيراً ، وأن زيارته ستكون بالنسبة لها بمثابة الانفراج الذي لا يجب التفريط فيه ، وحينها كان ولد الشيخ على استعداد للخوض كممثل للعدوان _وليس كوسيط محايد_، والدخول في تفاصيل الصفقة التي يحملها !
لم يتوقع ولد الشيخ أن تعزف القوى الوطنية عن مقابلته..لملم أوراقه وغادر صنعاء بخفي حنين ، ولم نجد للدموع التي ذرفها باسم الأمم المتحدة وتحت عنوان الوضع الإنساني أثراً على الواقع.. ليس وحده ولد الشيخ من سقط في امتحان اليمن ، فقد سقطت قبله دول ومنظمات ومكونات، كنا حتى وقت قريب ، نحسبها في قائمة الأصدقاء، فإذا بها تلتحق بطابور العداء والارتزاق، أما اليمن فستبقى وشعبها عصية على الانكسار مهما تكاثرت الخطوب، وتكالبت قوى الشر والإجرام.